المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قمامة كليما..!



المراسل الإخباري
03-11-2017, 05:45
تتدفق أفكاري بشكل وفير, عندما أجرب وجبة جيدة, وعندما يغدر بي النوم فلا أستطيع اجتذابه, أو عندما أكون في الطائرة فأبدأ في تدوين أفكاري المتطايرة , تصيبني الحيرة كثيرا عندما أريد اختيار كتاب أقرأه¡ فبعض الكتب والروايات تجهدك, وبعضها تمر كرفيف الحلم, سحبت كتاباً من مكتبتي بشكل عشوائي¡ وكانت المصادفة رواية إيفان كليما (حب وقمامة) التي تدور رحاها بين قطبي الحيرة والاغتراب, والأفراد المهمشين والمقهورين حيث أول أمر جذب انتباهي فيما يتعلق بالرواية هي البداية التراجيدية التي بدأ بها كليما¡ حيث القمامة والكناسون وحياة طبقة لا نعرفها,ولم نجهد أنفسنا في التوقف عندها, يقول على لسان البطل مجايل كونديرا :"لا أعرف على وجه التحديد ما لذي جعلني أختار هذه المهنة التي لا جاذبية فيها " حيث الكاتب " مجايل " يعمل كناساً في شوارع العاصمة التشيكية براغ, ليجرب حياة مختلفة لم يسبر اغوارها قبل ذلك, ففكرة الرواية تدور حول تحوّل كاتب مغترب في أميركا وبعد أن عمل ستة اشهر مدرّساً جامعياً هناك قرر أن يعود إلى بلده, ويغير وظيفته ويعمل عامل نفايات في بلده في زمن الشيوعية والقمع وعدم العدالة, كان يعتقد أنه نوع من الواجب أن يعود الى وطنه بكل قدراته ومهاراته التي اكتسبها هناك, فقد عاش الاغتراب خارج بلده, وعندما عاد اغترب بطريقة أكثر بؤساً, دخل عالم المهمشين برغبته , عاش مع الفقراء¡ واستمع لأنين العاطلين عن العمل, وأطلع على المعتقدات التي تعشش في رؤوسهم عندما يفتقدون التعليم الجيد, والامراض المصاحبة للفقر والجهل, وهنا يذكرنا كليما أنه عندما يدوم الظلم والاضطهاد زمنا طويلا, فمن المحتمل أن يدمر ثقافة ما على نحو كامل, تحتاج الثقافة الى بيئة صحية تنشأ بها, بشر يتمتعون بفكر حر, وحياة مكتملة الأركان ,الا أن كليما في هذه الرواية فصل البطل "مجايل " الى قسمين وزعهما بين الكاتب وعامل النظافة, وهما شخصيتان متناقضتان بكل ما في الكلمة من معنى, كل واحدة لها متطلباتها واصدقاؤها ورؤاها, حيث يرى كليما أن ما يحدث هو أنه حالما تكون قد أوجدت إحدى الشخصيات وجعلتها تشترك في موقف محدد تكون قد حددت من إمكانياتها, لذلك جعل مجايل يلبس شخصية أخرى ليست هو من أجل ان يثبت لذاته أن هذه المهنة ستعطية شيئاً مختلفاً, ولكنه اكتشف أنه لم يعدُ كونه كناساً في الشارع, إنسان غير مهم ولا ينتبه له أحد, ولكنه من خلالها انسلخ من عالم الكاتب الذي سئم منهم وانخرط في تجربة جعلته يرى العالم من اسفل الهرم, حيث الشيوعية التي جعلت الناس يعيشون الحياة بحواجز ومحظورات غير منطقية, حيث يرمز الراوي إلى أن كل المحظورات والمعتقدات هي مثل القمامة يجب التخلص منها, وأن كل انسان له الحق في التجربة, حيث يرى أن العالم الشيوعي حوّل الانسان الى قمامة سهل التخلص منه,هذه الرواية تنجز صورة واضحة للذات, وتعبر عن أفكاره ورؤاه وتبصره, ولا يمكن كتابة عمل ابداعي مثل حب وقمامة الا بواسطة مؤلف مبدع وهب نفسه للإبداع, وهنا يختم كليما روايته بهذا الحوار.
"تذكر أن الرجل لا يبكي ابداً ! هكذا جاء صوت والدي من الصمت الذي حولي على غير انتظار .
قلت : لست أبكي , ومن مكان عميق في داخلي جاء صوت ضحكٍ يشبه ضحكة ً كانت تجعلني سعيداً في طفولتي".




إضغط هنا لقراءة المزيد... (http://www.alriyadh.com/1577055)