المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التضخم السالب بين الاقتصادين الجزئي والكلي



المراسل الإخباري
03-11-2017, 05:45
http://www.alriyadh.com/media/cache/13/d9/13d99e84afe30be9b722569b8f0296d1.jpgلأول مرة منذ نحو عقد من الزمن يحقق التضخم في المملكة رقما سالبا¡ حيث بلغ رقم التضخم -0.4 % خلال شهر يناير مقارنة بالشهر المماثل له في 2016. وحتى لو كان الانخفاض طفيفا (تدرج الانخفاض خلال ستة أشهر حتى وصل للسالب)¡ إلا أن الرقم السالب يمكن قراءة أثره اقتصاديا بقراءتين متباينتين إحداهما على مستوى الاقتصاد الجزئي (المايكرو) والأخرى على المستوى الكلي (الماكرو).
فعلى مستوى المايكرو¡ يعني التضخم السالب ان القوة الشرائية للنقود زادت¡ وهذا جيد من وجهة نظر المواطن البسيط الذي لايعنيه سعر الذهب ولا صرف الاسترليني مقابل اليورو ولا العائد على الاستثمارات الحقيقية أو المالية¡ وكل مايهمه توافر قوت يومه وعياله بأسعار جيدة. هذا المواطن يرى ويتابع انخفاض العقار بنسبة تراوح حول 30%¡ والمواشي بنسبة تصل 50% والسيارات بنسبة 10 إلى 40% للجديد والمستخدم¡ ويتلقى ايميله وجواله رسائل التخفيضات من أسواق الملابس والمفروشات والقرطاسيات والأثاث¡ وغيرها بخصومات تتراوح بين 30 و70%¡ ويشاهد بعينيه لوحات التنزيلات والبيع الكبير يتزايد عددها في الشارع بين ذهابه لعمله وغدوه. هذا المواطن- بحسب النظرة الضيقة للمايكرو- سعيد بالطبع ويمني نفسه بمزيد من الانخفاض الذي يراه يتزايد يوميا¡ وعلى رغم فقده لبعض مزاياه المالية في وظيفته إلا أن انخفاض الأسعار ربما عوضه بشكل افضل من زيادة نقدية يذهب بها الغلاء¡ بل أنه ربما تحقق له مايسمى في الاقتصاد بفائض المستهلك في كثير من السلع التي يشتريها أو لعموم استهلاكه (يخصص مئة ريال لشراء السلعة فيجد سعرها انخفض لخمسين¡ هنا يكون فائض المستهلك 50 ريالا احتفظ بها في جيبه لينفقها على سلعة أخرى أو يدخرها).
على المستوى الكلي¡ الوضع معاكس تماما¡ فالتضخم السلبي يعني تباطؤ الاقتصاد ودخوله مرحلة الركود (باختلاف درجاته)¡ ورغم أن الركود مرحلة طبيعية من مراحل الدورة الاقتصادية إلا أن وطأته سيئة سيما لو طال مداه. فالوظائف تضمحل¡ والبطالة تتضخم¡ والنمو يتوقف¡ والتنمية تسير على خط افقي ولا تتقدم. أضف إلى ذلك فقد الاقتصاد تنافسيته لصالح الآخرين واحجام المستثمر الأجنبي عن دخول السوق وتراكم الدين وعجوزات الموازنة وميزان المدفوعات.. وهلم جرى. وهذا الوضع يتعدى اثره السيء للمجتمع ككل بانعدام الأمان وزيادة السرقات والجرائم الأخلاقية والجنائية وغيرها لاسمح الله.
والخلاصة¡ أنه ورغم بعض المنافع والمزايا للركود بالنظرة الجزئية الضيقة إلا أن آثاره سيئة وبغيضه عند النظر لكامل الصورة بالنظرة الاقتصادية الشاملة¡ ولذا فهو عدو يجب محاربته. ولعل في تصريح الأمير محمد بن سلمان خلال لقائه هذا الاسبوع برجال الأعمال مايبعث على الاطمئنان¡ فقد تحدث الأمير محمد عن ضخ مشاريع عملاقة تساعد على تحفيز الاقتصاد وزيادة عجلة النمو قبل نهاية العام الجاري. وهو مايعني بمشيئة الله أن الركود لن يطول¡ وبأنه وإن كان جزء من الدورة الاقتصادية لايمكن تجنبه إلا أننا عازمون على مكافحته وعدم الاستسلام له¡ سيما والركود والتضخم السالب مازالا في بداياتها وتملك الحكومة الكثير من عناصر القوة للتدخل وتحجيم آثارهما السيئة.




إضغط هنا لقراءة المزيد... (http://www.alriyadh.com/1576918)