المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أولويات التحول



المراسل الإخباري
04-07-2017, 12:08
أثناء زيارة وفد من البرلمان الأوروبي للمملكة ومنها مجلس الشورى¡ أخذت أحد أعضائه في المساء إلى منتزه البجيري في الدرعية الذي أصبح معلماً من معالم الرياض¡ ليس لسكانها فقط¡ لكن لكل زائر للعاصمة التي تجدد شبابها على الدوام¡ عضو البرلمان الأوروبي ألماني والده من السنغال وأمه ألمانية ويرأس لجنة في البرلمان¡ حين أخذته إلى هناك شكرني وقال: هذا المساء رأيت السعودية على أرض الواقع رأيت الأطفال يلعبون¡ ورأيت الرجال والنساء من مختلف الطبقات يستمتعون بوقتهم بأمن وسلام¡ وأقرأ السعادة في وجوههم¡ ومن أجمل ما رأى أربعة شباب تحدث معهم¡ عادوا للتو من الدراسة في الولايات المتحدة وهم يحملون شهادات من جامعات عريقة في بوسطن وغيرها¡ وحينها التفت إلي وقال: هؤلاء هم ثروتكم الحقيقية.

إنني على يقين أن نجاح المملكة في تحولها لن يكون له حدود إن اهتمت بالعنصر البشري من حيث التربية والتعليم¡ والسعي حتى يكون لدى كل مدرسة وجامعة رؤية كي تصبح خلية نشاط يجد فيها الطالب ما يغنيه عن التسكع في المقاهي والاستراحات..
تذكرت ذلك الحديث وأنا أشارك في استقبال عدد من مجموعة دراجي السعودية من أطباء ومعلمين وطلبة وهم في رحلة على دراجاتهم الهوائية من الرياض إلى القصيم بدعم من جمعية إنسان وبمناسبة اليوم العالمي لليتيم العربي الذي يصادف أول جمعة من شهر أبريل¡ وقد توقفوا في منتزه الزلفي البري للمساهمة في زراعة الشجر وتنظيف البيئة بدعوة من مدير المنتزه المتميز عبدالكريم الفراج¡ وهي مساهمة رمزية تهدف إلى نشر الوعي بأهمية الشجرة وأثرها على صحة الإنسان¡ تحدثت إلى أعضاء الفريق ووجدت أنهم جاؤوا من مختلف مناطق المملكة ليؤدوا هذه الرسالة النبيلة.
الملاحظة الثالثة التي أسعدتني هي حضور شاب سعودي إلى منزلي لإصلاح هاتف محمول بدعوة من أسرتي¡ وقد جعل من سيارته ورشة عمل¡ أصلح الجهاز خلال ساعات ودفعت له أجرته بكل سرور لعلمي أن أكثر هذا المبلغ سيبقى في المملكة ولن يغادرها.
الشباب من الجنسين نعمة من الله وقوة وثروة إن أحسنا تربيتهم وتعليمهم وإكسابهم العادات الجيدة من قراءة ورياضة وهوايات ممتعة ومفيدة وصبر وحب لتجشم الصعاب¡ لكنهم يصبحون عبئاً ومصدر إزعاج¡ بل وقنابل موقوتة إن أهملنا تربيتهم وتعليمهم واستقدمنا الوافدين ليعملوا نيابة عنهم وأسلمناهم للفراغ والكسل. ولهذا علينا أن نتحرك ونستثمر التحوّل الذي تعيشه المملكة لتكون العناية الفائقة بجيل المستقبل فهم من سيكون في أهم المراكز حين نصل إلى عام 2030 عام الرؤية ولهذا علينا أن نستفيد من الوقت ونقوم بالتغييرات الممكنة ومنها:
أولاً: أن نحسن اختيار قادة المدارس ومديري الجامعات ومنحهم الصلاحيات ليقوموا بتغيير المنهج من تعليم تلقيني جامد أفرز ما نراه في أماكن العمل وفي المقاهي¡ وفي غياب الفكر وعدم الإحساس بالمسؤولية والعبث بالبيئة والتهور في القيادة إلى شباب جاد يبحث عن مستقبله بكل ما لديه من قدرات ذهنية وجسمية كما هو في النماذج التي ذكرتها في المقدمة¡ وكما هو في كوريا الجنوبية وسنغافورة وغيرها من الدول التي لا تملك من المصادر سوى العنصر البشري¡ وهذا يتطلب مرونة أكثر في وضع المناهج وحسن اختيار المعلمين وتدريبهم وإيجاد ورش للتدريب وإجراء التجارب¡ وأندية علمية ورياضية ومهنية في كل مدرسة وجامعة ومعهد تقنية¡ فلا شيء يرسخ العلوم والعادات والقيم كالتجارب والتكرار والممارسة¡ وكما نكرر دائماً "لن تتعلم السباحة من كتاب".
ثانياً: يوجد في كل مدينة وقرية من مدن المملكة مجلس بلدي وفي كل منطقة مجلس منطقة¡ كما يوجد في كل مدن المملكة وقراها جمعيات خيرية وتعاونية¡ هذه المجالس وهذه الجمعيات يجب أن تحول انتباهها من التفكير في ما ستقوم به البلديات فقط كما هو في المجالس البلدية¡ أو في مساعدة المحتاجين مادياً كما هو في الجمعيات الخيرية إلى التركيز على الشباب وإعطائهم الأمل وتهيئهتم للعمل¡ وتدريب الأسر على المهن المنتجة بدل انتظار ذلك المبلغ الزهيد في نهاية كل شهر¡ كما أن للبنوك والشركات والأغنياء واجباً وطنياً ودينياً لتدريب الشباب وتوظيفهم.
إنني على يقين أن نجاح المملكة في تحولها لن يكون له حدود إن اهتمت بالعنصر البشري من حيث التربية والتعليم¡ والسعي حتى يكون لدى كل مدرسة وجامعة رؤية كي تصبح خلية نشاط يجد فيها الطالب ما يغنيه عن التسكع في المقاهي والاستراحات¡ أو استخدام السيارة كأداة قتل ووسيلة ترفيه. علينا أن نواجه بطالة الشباب بكل ما نملك من إمكانات¡ ونحارب الفقر العدو الأول لاستقرار الدول¡ ونكافح الفساد ليصبح من أهم منجزاتنا في هذا التحول الكبير.




إضغط هنا لقراءة المزيد... (http://www.alriyadh.com/1583070)