المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : البحث عن قيمة



المراسل الإخباري
04-07-2017, 12:08
كل إنسان يريد أن يكون سيد قومه. أصبح الوصول إلى المشيخة بصورتها القديمة غير متاح في زمننا هذا. البنية القبلية في طريقها للاندثار. قدم العصر الحديث فرصة لمن فاتته المشيخة التقليدية. وفرت الدوائر الخدمية الحكومية فرصاً جديدة. ليس بالصورة القديمة ولكنها صورة قريبة منها. تحقق مكانة تعلي صاحبها ماديا ومعنويا.
المسؤولية في الإدارة الحكومية على نوعينº أن تكون مدير مركز شرطة على سبيل المثال أو أن تكون مدير العلاقات الدولية في وزارة الخارجية على سبيل المثال ايضا. ربما تكون مرتبتك في وزارة الخارجية تعادل وزيراً إلا ان سلطتها الاجتماعية لا تصل إلى مدير مركز شرطة حتى¡ وإن كان موظف الشرطة في رتبة عسكرية متوسطة. المسألة تتعلق بالمشيخة¡ أو بعبارة اخرى قوة التأثير في المجتمع (حجم ما يستطيع أن يقدمه منصبك من خدمات لربعك). ما حجم النفوذ الذي تتمتع به¡ وتستطيع أن تستفيد منه وتهديه للآخرين.
نرجع إلى ثقافة الفزعة والواسطة لنصل إلى مفهوم الفساد المترتب عن تصارع الثقافة الحديثة المستوردة مع الثقافة التقليدية الموروثة التي أشرت إليها في مقالي يوم أمس الأول.
لا يستطيع مدير الشرطة في الغرب أن يفزع مع ربعه. مدير مركز الشرطة الكندي¡ أو البريطاني¡ لا يملك سوى حق تنفيذ القانون. إذاً أين تكمن قيمته. إذا طرأ على بالك هذا السؤال مع كامل احترامي فأنت تنظر للعالم بروح ثقافتك التقليدية. هذا السؤال في الثقافة الحديثة لا معنى له. مجد الإداري في الغرب يكمن في نجاحه في تطبيق القانون لا في الخدمات التي يقدمها لجماعته بتجاوز القانون. القضية معقدة.
لا يعود السبب في هذا ان الغرب أفضل منا¡ ولكن لأن اخلاق الإدارة الحديثة تخلقت في رحم الثقافة الغربية والأطر الأخلاقية التي تطورت مع التحول في وعي الإنسان عبر المراجعة الشاملة لكل القيم الموروثة وإخضاعها لسلطة العقل والمصلحة العليا.
لا أحد يدين ثقافة الفزعة¡ فالفزعة أخلاق عظيمة ولكنها تداخلت مع الثقافة المستوردة فتصادمت معها. لم تكن الفزعة في الماضي على حساب أي شيء ولا كانت تأخذ حق الغير. افزع لك بمالي أو بجسدي وفي طريق الخير. تأتي الفزعة اليوم على حساب الحق العام وعلى حساب الآخرين¡ فإذا كان في الجوازات مئة موظف يفزعون لجماعتهم يومياً فهذا يعني تأخير جوازي بعد مئة جواز دون وجه حق. هذا الموظف ارتقى اجتماعيا على حسابي وعلى حسابك.. بكلمة واحدة فساد.




إضغط هنا لقراءة المزيد... (http://www.alriyadh.com/1582887)