تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : العـيطموس



المراسل الإخباري
04-18-2017, 22:34
كل من يتعمق في لغتنا العربية سيفاجأ بكثرة وتعـدد مسميات الشيء الواحد .. ففي الماضي كان العرب يملكون أسماء كثيرة لكل شيء تقريبا º فـالإبــل مثلا تملك ألف اسم¡ والأسد خمسمائة¡ والنار أربعين¡ والرياح ثلاثين¡ والعـشق عشرين¡ والكلب سبعين (وسبق أن تعرضت لـقصة أبو العلاء المعري الذي تعثر بشيخ في المسجد فقال الشيخ: من هذا الكلب¿ فرد عليه المعري: الكلب من لايعرف أن للكـلب سبعـين اسما¡ فـسمع السيوطي بهذا القـول فألـف كـتابا سـرد فيه 70 اسما للكلـب دعاه: التبري من معرة المعري)!!
... أنا شخصياً أعتقد أن السبب يعود إلى تفرق القبائل العربية في الزمن القديم بحيث أصبح لكل قبيلة اسم مختلف للشيء ذاته.. فتفرق المجموعات البشرية هـو الدافع الرئيسي¡ وظهور كلمات ولهجات جديدة تتطور بمرور الزمن إلى لغات مستقلة (وسبق أن كتبت بهذا الخصوص مقالاً بعنوان: هل تحولت اللهجة المغربية إلى لغة مستقلة)!
فقبل ظهور الإسلام كانت كل قبيلة تملك اسماً رئيسياً (للأسد مثلا) مع بعض الأسماء الثانوية (كالليث والغضنفر).. وحين تضرب عدد القبائل القديمة بعدد الأسماء المستعملة فيها º يصبح معقولا امتلاك الأسد لأكثر من ثلاثمائة اسم (تندرج كلها تحت مظلة اللغة العربية)..
ورغم قناعتي بهذا التفسير¡ لا أعتقد أنه السبب الوحيد وراء كثرة المسميات القديمة ..
فالعرب كانت صنعتهم الكلام (ومايزالون حتى هذه الأيام)¡ وكانوا يتفننون في تسمية الأشياء بحسب أشكالها وأعمارها وألوانها وتصرفاتها واختلاف حالاتها.. فالإبل مثلا (صاحبة الألف اسم) تملك أكثر من عشرين اسما تتعلق فقط بحاجتها لشرب الماء.. فـالهيام هي الإبل العطشى¡ والملواح الناقة التي تعطش بسرعة¡ والعيوف التي تشم الماء ولكنها لا تشرب منه¡ والمقام التي لا تشرب أثناء مرضها¡ والرقوب التي لا تشرب حتى يخلو الحوض من النياق... إلى آخر هذه المسميات .. المائة...
أيضا تملك النياق مسميات تتعلق بألوانها (كالأدمة والعيساء والشغلا) وبحسب أعمارها (كالخلفة والمجشرة والعشرا) وصفاتها الجسدية (كالفاهية والشرود والوجنا)... ولكن في النهاية¡ يتبقى لدينا ثلاثة أسماء رئيسية معروفة بين جميع القبائل (بــل وسكان المدن والدول في الماضي والحاضر) هي : النياق والجمال والإبـل...
... على أية حالº لا أعرف كيف تورطت بهذه المقدمة كون فكرة المقال تتعلق فقط بأنواع الحسن والجمال لدى العرب...
فالعيطموس في لغة العرب هي المرأة التي اكتملت فيها مظاهر الحسن والجمال مع قوة الذكاء وحسن التدبير¡ (وبالتالي يمكننا اختصار امرأة مثل كليوبترا بالقول: كانت امرأة عيطموس).. والعيطموس مجرد اسم واحد فقط من بين ستة وستين اسماً ــ ان لم تخني الذاكرة ــ يطلقها العرب على النساء الجميلات (والجميلات منهن فقط)..
ومن بين هذه الأسماء (التي سأترك لك مهمة البحث عن معانيها) الغانية¡ والعيطبول¡ والوسيمة¡ والزهراء¡ والرعبوبة والدعجاء¡ والخدبجة¡ والبرمادة¡ والسبحلة¡ والنضرة¡ والعبقرة¡ والرقراقة¡ والمتحرية¡ والهيفاء (ذات البطن المشدود التي تصبح "ممشوقة" حين يضاف لها طول القامة)...
... وغني عن القول إن عرب اليوم أصبحوا فـقـراء في عدد المفردات¡ وكثرة المسميات مقارنة بأجدادهم. ويعود السبب ــ في رأيي ــ إلى تعرضهم لمؤثرين غير مسبوقين في عصرنا الحديث.. الأول اشتراكهم هذه الأيام في استعمال مفردات رئيسية موحدة (ساهمت في تقديمها على غيرها وسائل الإعلام الحديثة) .. والثاني طغيان "الصورة" على الكلمة ودقــة الوصف (بحيث أصبحت رؤية الجمال مثلا تُغني عن وصفـه أو حتى محاولة تخيله)...




إضغط هنا لقراءة المزيد... (http://www.alriyadh.com/1586250)