تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أين اختفى العباقرة¿



المراسل الإخباري
04-26-2017, 10:54
فلاسفة اليونان المشهورون (كأرسطو وأفلاطون) ظهروا خلال جيل واحد فقط.. ظهروا في مدينة لم يتجاوز سكانها 23 ألف نسمة (أي أقل من حي النسيم في الرياض) ومع ذلك مازلنا نتغنى بعبقريتهم ونستشهد بآرائهم..
جميع العباقرة العرب والمسلمين الذين نستشهد بهم اليوم (كالكندي والرازي والبخاري وأبن حيان) ظهروا من شعوب وأمـم (لو جمعتهم على بعض) لما زادوا عن سكان القاهرة هذه الأيام...
أما بخصوص العالمº فـيوجد في عصرنا الحالي علماء وعباقرة (على قيد الحياة) يفوق عـددهم جميع العلماء والعباقرة الذين ظهروا منذ فجر التاريخ وحتى مولد أنشتاين عام 1879 !!
· إذا لماذا يبدو وكأن جميع العباقرة يعيشون في الماضي¿
· لماذا يبدو وكأن عصرنا الحاضر يخلوا من العـباقرة والعظماء¿
· ألا يفترض (عطفا على تضاعف البشر¡ وانتشار التعليم¡ وكثرة الخريجين) أن نملك اليوم عــددا أكبر من العباقرة والعظماء والعلماء المشهورين¿
... أعتقد شخصيا أن هناك أسبابا ومغالطات كثيرة تقف خلف هذه المفارقة.. أعـتقـد أن العباقرة لم يختفوا (بل تضاعفوا) وأن العظماء أصبحوا اليوم (أكثر عظمة) ولكنهم يـبدون فقط وكأنهم تلاشوا للأسباب التالية:
ــ أولا: لأن أدمغتنا لا تستوعب غير الأوائل¡ وذاكرتنا لا تحتفظ إلا بعدد معـين من الأسماء (سواء ظهرت من بين ألف¡ أو مليون عبقري). فـلو رتبنا العظماء بشكل هرمي ستكتفي أدمغتنا بالنظر لرأس الهرم فقط (بصرف النظر عمن حجمه وعدد المتواجدين فيه) ولو شبهناها بملعب لكرة القدم لن تقبل أكثر من11 لاعبا (سواء أتوا من الصين¡ أو من البحرين)!
ــ والسبب الثاني: أن مرور الزمن يضفي قدسية وكمالاً (ومزيدا من الهالة) على الأسماء القديمة.. فجميع العباقرة في التاريخ (بما في ذلك الفقهاء والتابعين) كان لهم معاصرون نافسوهم أو انتقدوهم أو عارضوا أفكارهم.. ولكن بعد وفاتهم يبدأ التاريخ باختصار العدد¡ وتشذيب الـسير¡ وتقديم البارزين كشخصيات استثنائية وخارقة لن يجود الزمان بمثلهم (وكأن البشر اتفقوا على عدم انجاب المزيد)..
ــ أما السبب الثالث: فـيعود إلى كثرة المنافسين في عصرنا الحالي.. فـفي العصور القديمة كانت العلوم بسيطة¡ وأعداد البشر قليلة¡ وأرشيف المعرفة فارغا¡ وبالتالي كان من السهل بروز أي اسـم بفضل الأسبقية واختفاء المنافسين.. ولهذا السبب أصبح أرسطو"المعلم الأول" وأبن رشد"المعلم الثاني" وهيروديت "أبو التاريخ" وابقراط "أبو الطب" (في حين تبدو معارفهم ضحلة¡ وآراؤهم ساذجة بمعايير عصرنا الحالي)!
ــ أما السبب الرابع: فيعود إلى ثـقافـتنا القاصرة التي دأبت على تكريم العباقرة بعد وفاتهم (وليس خلال حياتهم).. إلى عجزنا عن رؤية الموهوبين والمبدعين الذين يعيشون بيننا هذه الأيام.. إلى فكرتنا الخاطئة بأن العبقرية والتاريخ وجهان لعملة واحدة.. إلى انتظارنا لما بعد الموت ومرور القرون كشرط للعظمة ومرجعية الرأي.. إلى تكريمنا للغرباء والأجانب¡ وتجاهل أقرانهم من أبناء الوطن (ممن تنطبق عليهم مقولة: لا كرامة لوطني في وطنه)!!
... انتهى المقال أصدقائيº
ولكن من وحي السبب الرابع أوجه لوزارة التعليم¡ ووزارة الثقافة والإعلام¡ ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية (ولكافة الموسرين والمهتمين بالشأن العلمي والمعرفي).. أوجه إليهم رجائي بالبحث عن المبدعين بيننا وتكريمهم إشهارهم والرفع من شأنهم قبل وفاتهم..
حين نفعل ذلك ¡ سنكتشف في كل وطن عربي عباقـرة ومبدعين أكثر من جميع الحقب التي عـفـا عليها الزمن...




إضغط هنا لقراءة المزيد... (http://www.alriyadh.com/1588196)