المراسل الإخباري
05-01-2017, 23:38
أطلّت الشاعرة الشابة عبر برنامج تلفزيوني كان يقدمه الإعلامي اللبناني طوني خليفة منذ سنوات وألقت " شعراً" يشبه الشعر ولا يشبهه¡ بلغة عربية نحرت فيها الصبية الليبية الجميلة الخليل نحراً¡ ونكّلت بسيبويه ويونس والكسائي والأخفش والأصمعي والزجاج وإبن جنّي وعبدالقاهر الجرجاني وعشرات النحاة العرب الذين أفنوا أعمارهم في وضع قواعد اللغة العربية وحمايتها من الاندثار.
في اليوم التالي للمقابلة كانت بيروت كلها تتحدث عن الشاعرة ردينة الفيلالي وديوانها الشعري الفريد من نوعه¡ ولأن برنامج طوني من أشهر برامج المشاهير¡ فقد غدت "الرّدينة" شهيرة شعراء العرب بين ليلة وضحاها¡ فقد هبت الجماهير العربية إلى المكتبات بحثا عن ذلك الديوان العجيب.
لعدة أشهر¡ لا حديث للناس غير أشعار "الردينة" التي سخرت من ذكور العرب متكئة على لغة بسيطة يفهمها البسطاء من أهلنا¡ ويطربون للقافية التي لم تصعب على خريجة الأدب الإنجليزي لتجدها في كلمات نستعملها بمناسبة أو بغير مناسبة كالطبول والعجول والمبلول والمسطول وما إلى ذلك.
لا بحور ولا إيقاع ولا صورة واضحة لذلك الشعر غير الناضج والمسلوخ من أشعار نزار قباني سلخاً¡ لكن ضربة الحظ نصّبت ردينة شاعرة على رأس شاعرات العرب أمام انهيار المنظومة التربوية في العالم العربي وتراجع تعلُّم اللغة العربية واتقانها.
حتى النقاد هالتهم تلك الشعبية المفاجئة للشاعرة الشابة¡ فخجلوا أن يكتبوا عن سخافة الحلقة ومحتواها¡ والشهادة لله أن البعض صعقه ما حدث وكاد يفقد عقله. لكن المؤكد أن ذلك الحدث "العظيم" تأكيد بأن زمن الشعر انتهى وولّى¡ إذ في الفترة التي يموت فيها الشعراء الحقيقيون في الظلال¡ وتموت مجاميعهم الشعرية الجميلة على رفوف المكتبات لسنوات¡ نفدت أول طبعة من ذلك الكلام السخيف من المكتبات نفسها في ظرف يومين أو ثلاث.
تقولون النّاس لا تقرأ¿ لماذا قرأوا ردينة¿ وبعض الأسماء التي أقامت الدنيا ولم تقعدها في حينها¿
لعل أقرب جواب لما حدث¡ هو مفاجأة جمهورٍ غيرَ جمهورِ الثقافة المستهدفِ ببرامج ثقافية¡ بشيء مختلف¡ كظهور كاتب خلال برنامج سياسي¡ أو ظهور مطربة "من وزن القشّة" خلال نشرة الثامنة. وهذا الجمهور هو الفئة الأكثر أستهلاكاً لأي شيء¡ للعلكة¡ وكل أنواع البسكويت¡ ولبضائع "مايد إن تشاينا" و"اللحوم المستوردة الرّخيصة"¡ والثياب التي تنقضي موضتها بمجرّد ارتدائها مرة واحدة¡ وما شابه.
هذا الجمهور هو الذي قرأ ردينة¡ وفي الوقت نفسه دفنها¡ ولعلّه ليس بالجمهور السيِّء تماماً لو أن الإعلام المرئي غرس فيه حب القراءة¡ واستضاف شعراء وكتّاباً جيدين وروّج لهم¡ لكن ماذا نقول وقد انهار الإعلام اليوم إلى قاع الخلافات العائلية وإبراز أشكال من البشر يتباهون أمام ملايين المتابعين بأفعالهم الشنيعة واللاّ أخلاقية¡ وصرنا نترحّم على زمن ردينة¡ والتي على الأقل كانت سيدة محترمة وحاولت أن تكون شاعرة.
إضغط هنا لقراءة المزيد... (http://www.alriyadh.com/1589595)
في اليوم التالي للمقابلة كانت بيروت كلها تتحدث عن الشاعرة ردينة الفيلالي وديوانها الشعري الفريد من نوعه¡ ولأن برنامج طوني من أشهر برامج المشاهير¡ فقد غدت "الرّدينة" شهيرة شعراء العرب بين ليلة وضحاها¡ فقد هبت الجماهير العربية إلى المكتبات بحثا عن ذلك الديوان العجيب.
لعدة أشهر¡ لا حديث للناس غير أشعار "الردينة" التي سخرت من ذكور العرب متكئة على لغة بسيطة يفهمها البسطاء من أهلنا¡ ويطربون للقافية التي لم تصعب على خريجة الأدب الإنجليزي لتجدها في كلمات نستعملها بمناسبة أو بغير مناسبة كالطبول والعجول والمبلول والمسطول وما إلى ذلك.
لا بحور ولا إيقاع ولا صورة واضحة لذلك الشعر غير الناضج والمسلوخ من أشعار نزار قباني سلخاً¡ لكن ضربة الحظ نصّبت ردينة شاعرة على رأس شاعرات العرب أمام انهيار المنظومة التربوية في العالم العربي وتراجع تعلُّم اللغة العربية واتقانها.
حتى النقاد هالتهم تلك الشعبية المفاجئة للشاعرة الشابة¡ فخجلوا أن يكتبوا عن سخافة الحلقة ومحتواها¡ والشهادة لله أن البعض صعقه ما حدث وكاد يفقد عقله. لكن المؤكد أن ذلك الحدث "العظيم" تأكيد بأن زمن الشعر انتهى وولّى¡ إذ في الفترة التي يموت فيها الشعراء الحقيقيون في الظلال¡ وتموت مجاميعهم الشعرية الجميلة على رفوف المكتبات لسنوات¡ نفدت أول طبعة من ذلك الكلام السخيف من المكتبات نفسها في ظرف يومين أو ثلاث.
تقولون النّاس لا تقرأ¿ لماذا قرأوا ردينة¿ وبعض الأسماء التي أقامت الدنيا ولم تقعدها في حينها¿
لعل أقرب جواب لما حدث¡ هو مفاجأة جمهورٍ غيرَ جمهورِ الثقافة المستهدفِ ببرامج ثقافية¡ بشيء مختلف¡ كظهور كاتب خلال برنامج سياسي¡ أو ظهور مطربة "من وزن القشّة" خلال نشرة الثامنة. وهذا الجمهور هو الفئة الأكثر أستهلاكاً لأي شيء¡ للعلكة¡ وكل أنواع البسكويت¡ ولبضائع "مايد إن تشاينا" و"اللحوم المستوردة الرّخيصة"¡ والثياب التي تنقضي موضتها بمجرّد ارتدائها مرة واحدة¡ وما شابه.
هذا الجمهور هو الذي قرأ ردينة¡ وفي الوقت نفسه دفنها¡ ولعلّه ليس بالجمهور السيِّء تماماً لو أن الإعلام المرئي غرس فيه حب القراءة¡ واستضاف شعراء وكتّاباً جيدين وروّج لهم¡ لكن ماذا نقول وقد انهار الإعلام اليوم إلى قاع الخلافات العائلية وإبراز أشكال من البشر يتباهون أمام ملايين المتابعين بأفعالهم الشنيعة واللاّ أخلاقية¡ وصرنا نترحّم على زمن ردينة¡ والتي على الأقل كانت سيدة محترمة وحاولت أن تكون شاعرة.
إضغط هنا لقراءة المزيد... (http://www.alriyadh.com/1589595)