المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قيم الأحرار



المراسل الإخباري
05-14-2017, 16:47
http://www.qatarat.com/ كان لدي مجموعة من الأصدقاء تملكتهم الأحلام الشيوعية. كان هذا في الثمانينات وبداية التسعينات. أحلام تم بناؤها على دعوة داعية بليغ وقصيدة جميلة واشتق باقيها من الكتب الواعدة باليوتوبيا (الجنة). الإنسان أخو الإنسان في كل مكان وزمان.
مع منتصف الثمانينات بدأت الأمور تسير على غير ما يرام. الأحلام تواجه تحديات. يجب الدفاع عنها وحمايتها فأخذت تقسو وتتصلب وتؤذي الوجدان. كلما سقطت دولة اشتراكية أجرى أصحابي بعض التقليصات الضرورية على الأمل. لم يكن أي منهم قد زار البلاد الاشتراكية أو الاتحاد السوفيتي. لم تهزهم الفظائع التي اقترفها ستالين. أرواح الملايين من البشر الذين ساقهم إلى القولاق ومعسكرات السخرة في أقصى الصقيع الروسي. إنها دعايات الغرب ومؤامراته. كانت هذه العبارة هي الترياق الذي يلجؤون إليه كلما زادت الأخبار السيئة القادمة من هناك. كان أصحابي ينعمون بالدفء في بيوت الرياض وجدة والدمام ونعمة النفط الوفير, لم تكن تنقصهم سوى التطلعات الوردية فحصلوا عليها. فصلوا الشيوعية على المقاسات النفطية. ثم ركبوا في أعماقهم عالماً تشكل بالطريقة التي يتوق إليها أي إنسان مفعم بتطلعات ضخمة. كان كل شيء صحيحاً وفي مكانه إلا إذا اقترب منه الواقع أو لامسه. لا أحد يجرؤ على محاكمة حلم الشباب. واقعك لا قيمة له أمام العالم الذي تصنعه في خيالك.
أخيراً وقبل سقوط الاتحاد السوفيتي بسنة أو سنتين زار واحد من أصدقائي هؤلاء موسكو. كان أسوأ ما في زيارته على سوئها أن تعرف على فتاة روسية أخذته إلى بيت أهلها في إحدى ضواحي المدينة الضخمة. شاهد بؤساً لا يمكن تصديقه ولكن التنازل عن الأحلام مازال بعيد المنال. بدأ يجري كثيراً من التعديلات على خطابه الشيوعي. كان أهم ما خرج به عبارة تبناها الجميع. لو طبقوا الشيوعية الصحيحة لما وصلوا إلى ما وصلوا إليه. إنها أفضل طريق لحماية الأحلام والانسحاب منها في نفس الوقت. لم يدركوا كما هي حال الجهاديين الإسلاميين اليوم أن المبادئ العظيمة لا تفرض على الناس بالسلاح, إن ما يفرضونه بالسلاح هو سلطتهم وليس دينهم. الإيمان والسلطة لا يتعايشان عندما يستقر أمرهما في يد رجل واحد. قال فولتير قبل قرنين من الزمان: إذا دخلت السلطة من الباب هرب الأيمان من النافذة. هذا ما يحدث دائماً في التاريخ. المكان الوحيد الذي تنمو فيه المبادئ الإنسانية الصحيحة وتطمئن هو بيت الحرية. جاء الرسل والحكماء والمصلحون لنشر الحرية والعدالة. قيم لا تستقيم إلا في قلوب الأحرار. القيم العظيمة هي القيم التي تطفو في بحر من الخيارات. لن تكون خيار الأحرار إذا كان الخيار الآخر هو الموت.




http://www.alriyadh.com/1593888]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]