المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الريادة والاستجابة



المراسل الإخباري
04-07-2018, 08:18
http://www.qatarat.com/
يركز الكتاب في أكثر من موقع على أهمية السلطة السياسية في التغيير وأن الأفكار المغايرة للثقافة السائدة لا تكون مؤثرة إلا إذا تبنتها السلطة السياسية فهي التي تحيلها إلى واقع يتشربه المجتمع تلقائياً ثم تصبح ثقافة عامة وأسلوب حياة لكل المجتمع..
هذا هو عنوان كتاب الأستاذ إبراهيم البليهي¡ الذي طبع في كل من الجزائر ولبنان وأصبح من أكثر الكتب مبيعاً في معرض الرياض للكتاب هذا العام¡ هو باكورة مشروعه الفكري الذي عمل عليه سنوات طويلة وهو «تأسيس علم الجهل لتحرير العقل» ورغم أن الكتاب يقع في خمس وسبعين وخمس مئة صفحة إلا إنه يركز على فكرة واحدة¡ يحاول إيصالها إلى القارئ بأكثر من طريقة وهي: «إن كل الناس يتوهمون أنهم ولدوا بعقول جوهرية جاهزة¡ ويجهلون أنهم ولدوا بقابليات فارغة تتبرمج تلقائياً بالنظام الفكري السائد في المحيط الذي نشؤوا فيه¡ وثقافة البيئة التي عاشوا فيها¡ وأن القابليات يكونها ويحتلها الأسبق¡ وأن كل فرد يبقى مغتبطاً بما تبرمج به مهما كان محتواه واتجاهه¡ وأن مرجعه للحكم على الأشياء ومعياره للقبول أو الرفض هو هذا الأسبق الذي تلبسه¡ وهذه البرمجة المبكرة دون أن يختار ذلك»¡ ولهذه الفكرة حشد المؤلف مئات الأدلة والمقارنات على ما يقول على مستوى الدول والأفراد¡ واستشهد بالآلاف من أقوال الفلاسفة والمفكرين للتدليل على ما يقول وإثبات هذا الاستنتاج.
وفي المقدمة يشير المؤلف إلى أن العقل البشري يعمل بواسطة ثلاثة نظمº الأول والأساس والعام لكل البشر من مختلف الكيانات الثقافية هو التفكير التلقائي¡ وهو أن كل إنسان يتبرمج تلقائياً بالثقافة السائدة ويرفض بشكل تلقائي كل ما يتعارض مع التصورات والأنماط التي تكونت منذ الصغر تلقائياً¡ أما النظام الثاني للتفكير فهو نظام القلة المفكرة من الفلاسفة¡ وهو نظام فكري مغاير لكل الثقافات ويمثل قطيعة مع النموذج الأول وهو التفكير التلقائي وانفصالاً عن الثقافات السائدة¡ ولهذ يحارب أصحاب هذا الفكر ويضيق عليهم¡ وقد يجبرون على السكوت أو يحكم عليهم بالموت كما كان في أوروبا وقت تسلط الكنيسة¡ أما النظام الثالث للتفكير فهو نظام التفكير في التعليم الجمعي¡ ويقصد به التعليم العام والجامعات وكليات التقنية¡ وهذه تتوفر به شروط التعلم من قصد واهتمام وتركيز¡ لكن ذلك يحصل قسراً أو اضطراراً¡ ومثل هذا التعليم منضبط فيما يخص الأعمال العلمية والمهنية أما في الحياة العامة فيبقون كغيرهم أسرى التفكير التلقائي الذي تشبعوا فيه منذ الصغر مهما كان موغلاً في الخرافة.
الكتاب جدير بالقراءة والدراسة والتحليل من قبل القائمين على التعليم بشكل خاص¡ ذلك أنه يركز على أن التعليم في المجتمعات المتخلفة¡ يكرس التخلف ويعمق أسلوبه ويوجد البيئة الحاضنة له¡ وهو محكوم بالثقافة السائدة¡ وأن الناس لن يصير سلوكهم متحضراً بمجرد أن يقرؤوا عن التهذيب والسلوك الحضاري¡ فالأخلاق والعادات والمهارات لا تتكون إلا بتكرار الفعل¡ ولذا وكما ذكر المؤلف تضيع أعمار الدارسين دون أن يتغيروا في العمق¡ فمن أهم شروط نجاح التعليم أن يكون ضمن ثقافة حرة ومنفتحة ونامية حتى يستطيع أن يمد المجتمع بالطاقات الإنتاجية والإبداعية التي تدفعه إلى المزيد من التقدم والازدهار¡ وهو يؤكد على حقيقة طالما كررها التربويون على مستوى العالم¡ وهو أن التلقين والحفظ والوصف اللفظي لا يؤثر سوى في الإجابة على أسئلة الامتحان في آخر العام¡ فما يؤثر في الدارس هو التفاعل مع الواقع والنشاط الذي يبذله الدارس بنفسه وإجرائه التجارب وتعليمه الطرق المثالية للتحليل والنقد والمساءلة والشك حتى يتفاعل العقل مع الواقع الذي يتطلبه العصر ومفاهيمه وأفكاره وعلومه وممارساته¡ وليس في حفظ المعلومة أو العلم بها.
ويركز الكتاب في أكثر من موقع على أهمية السلطة السياسية في التغيير وأن الأفكار المغايرة للثقافة السائدة لا تكون مؤثرة إلا إذا تبنتها السلطة السياسية فهي التي تحيلها إلى واقع يتشربه المجتمع تلقائياً ثم تصبح ثقافة عامة وأسلوب حياة لكل المجتمع.
ويذكر المؤلف في موقع آخر أن التقدم البشري ينهض بجناحين جناح السلطة السياسية التي تملك القرار وإمكانات تغيير الاتجاه وحشد الطاقات¡ والجناح الثاني هو الريادات الفردية الاستثنائية المفكرة خارج النسق العام وهنا يتحقق التقدم كما حصل في أوروبا ثم اليابان وأخيراً في سنغافورة وكوريا الجنوبية وتايوان وغيرها.
الكتاب مليء بالأمثلة المقنعة والمقارنات الواقعية الكثيرة لما يريد إيصاله وبأكثر من طريقة¡ ولا يمكن أن نحيط بما ورد فيه من رسائل مهمة إلا بجعل الكتاب مادة للبحث والتحليل¡ ومن ثم الاستفادة منه في تغيير المناهج¡ ومن ثم تغيير الواقع الذي تعيشه الدول النامية لتلحق بركب الدول المتقدمة.




http://www.alriyadh.com/1673488]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]