المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حين تتكسّر الألسنة..!



المراسل الإخباري
10-24-2018, 21:34
http://www.qatarat.com/ يعزّ علي حينما ألتقط فكرة عميقة بين ثنايا حديثهم أو تسترعي إعجابي حكمة جاءت من وعي فطري لم يسنه تعليم عالٍ أو ثقافة رفيعة فحينئذ أشعر بالتعب من الحفر لنبش المعنى الدقيق لتوليفاتهم من كلماتهم المحدودة جداً والمفككة¡ وكذلك أشعر بالذنب اتجاههم حيث إننا هشمنا اللغة ونثرناها فأجبرناهم على التقاط أشلائها.
حيث يندر أن يوجد مقيم يحمل جنسية غير عربية ويتحدث بلغة أو لهجة متسقة الكلمات¡ صحيحة النحو ومتناغمة العبارات. فلا أحد يتحدث بهذا التكسر إلا من نحمل وزره وقد أخطأنا في حقه وفي حق اللغة العربية.
حيث إننا اعتقدنا أنه حين نحادثهم بمفردات مفككة وبلغة ممزقة أن هذه الطريقة ستكون أبسط وأسهل على استجابتهم واستيعابهم¡ وهذا خطأ.
فمهما تكن اللغة سواء كانت سليمة أم لا فهي في البدء ستكون شفرة لغوية مبهمة وغامضة مثل أي لغة أجنبية لكن مع الوقت وأدوات التعلم من استماع ومحادثة وغيرها سينجلي ما عليها من ضباب وتتفكك رموزها¡ ولذلك فإنه من الأجدر أن نخاطبهم بلغة سليمة ونرتقي بهم إلى أعلى درجة من الإكرام عبر الكلمة.
وإننا عادة ما نتهم بعضهم بالغباء نتيجةً لصعوبة فهمهم للتوجيهات¡ لكن الأمر ليس له علاقة بالغباء بقدر الارتباط الوثيق بين التفكير واللغة¡ فإنه من المتوقع عندما تكون هذه اللغة المتهتكة هي لغة التواصل المعتمدة معهم فبالتأكيد النتيجة لن تكون جيدة ومرضية.
فالأمم تحرص وتسعى لأن تنشر لغتها وثقافتها¡ فتجد مثلاً المستعمر حريصاً على أن ينقل لغته حد الإرغام على تعليمها في مستعمراته والكتابة بها¡ حيث إنه يدرك تماماً أن نقل لغته يسهل عليه التأثير على المحتل ويتمكن من التعمق في استلاب تفكيره وهويته منه¡ كما أن بعض الشعوب رأت أن ما قام به المستعمر اتجاه استبدال لغتها كان أمراً جيداً¡ فيقول المؤلف الجزائري كاتب ياسين: «اللغة الفرنسية غنيمة حرب»¡ وتدعو بعض تلك المجتمعات إلى المحافظة على الموروث اللغوي الاستعماري.
إن أعداد الوفود الأجنبية إلى المملكة من زوار ومقيمين هائلة¡ فلو كان هناك اعتقاد بأن في ذلك مساحة شاسعة لنشر اللغة وتوسيع الرقعة العربية لكان ذلك إحساناً كبيراً واستثماراً ذكياً.
لقد جنينا على أطفالنا والأجانب بتكسير ألسنتنا حين نحادثهم¡ فيندر أن نجد طفلاً مفوهاً يستطيع أن يعبر جيداً عن نفسه¡ وكذلك الحال مع غير العربي. وقد جنينا على أنفسنا أيضاً حين أغرقتنا العامية وأغرقناها.
يقول الدكتور غازي القصيبي: «عندما قرر الصهاينة إنشاء دولة لهم كانت اللغة العبرية لغة ميتة بعثوها بعثاً من المعاجم واستخدموا مفرداتها حتى أصبحت لغة حية¡ أما نحن فقد ورثنا أكثر اللغات حياة فبذلنا أعظم جهد لقتلها».




http://www.alriyadh.com/1712845]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]