المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إغاثة العاشق المسكين



المراسل الإخباري
10-31-2018, 12:18
http://www.qatarat.com/ اختار ابن حَجلَه المغربي (تـ776هـ) صاحب كتاب (ديوان الصبابة) عنواناً طريفاً وذا دلالة لأحد أبواب كتابه الذي خصّصه للحديث عن موضوع (العشق) وأحواله وأهواله¡ عنوان الباب هو (في ذكر إغاثة العاشق المسكين إذا وصلت العظم السكين). وما أكثر ما تتأزم الأمور في بعض علاقات العشاق ليصل فيها العاشق إلى وضعٍ صعبٍ ومؤلمٍ لا يمكن له فيه الاستغناء عن نجدة أصحاب القلوب الرحيمة. وفي ذلك الباب يورد ابن حجلة الكثير من الأشعار والأخبار التي تحثُّ على إعانة العاشقين¡ فالأمراء والوجهاء والشعراء والفقهاء جميعهم ترقُّ قلوبهم لمعاناة العاشق ويساهمون بكل ما يستطيعون في سبيل إسعاده واجتماعه بمن يُحب¡ ولسان حالهم يُردّد قول الشاعر:
إذا رأينا مُحباً قد أضرَّ بهِ
طول الصبابةِ أوليناهُ إحسانا
إغاثة العاشق واجبٌ إنساني يدخلُ في باب الأعمال الخيرية التي يؤجر فاعلها¡ ونتذكر هنا قول الشاعر الكبير سعد بن جدلان مُتسائلاً:
أنا وين بلقى يا الأجاويد فاعل خير
حريصٍ على سر المحبين لا أرسلته¿
أنا لو ابصبر عام ما بان بي تأثير
وهالحين حتى صبر يومين ما احتلته
وفي الباب المشار إليه آنفاً قصص كثيرة تؤكد على الأجر العظيم لمن يشفع للعشاق¡ ففي إحدى القصص يتنازل أحدهم عن جاريته التي «لم يكن له سلوة غيرها» ويزوجها لرجل فقير عشقها «فكاد عقله أن يذهب»¡ وعندما يُعاتبه الناس على التفريط فيها يُجيبهم قائلاً: «إني سمعت الله يقول: (من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً). أفلا أُحيي الناس جميعاً»¿!
إغاثة العاشق واجب إنساني وديني أيضاً كما نلمح في إجابة ذلك الرجل¡ وكما نجد ذلك ليس فقط في قصائد الشعراء العشاق والأدباء¡ بل ولدى الفقهاء الذين اهتموا بهذا الموضوع وحشدوا النصوص للتأكيد عليه¡ فقد أورد الخرائطي (تـ327هـ) في كتابه (اعتلال القلوب) وفي باب سمّاه (الرحمة لأهل الهوى والجمع بينهم) خبر أبي سائب المخزومي الذي كان أحد القراء¡ وشوهد في يومٍ من الأيام متعلقاً بأستار الكعبة وهو يقول: «اللهم ارحم العاشقين¡ ووفّق قلوبهم¡ واعطف قلوب المعشوقين عليهم». وكذلك فعل ابن قيّم في كتابه (روضة المحبين ونزهة المشتاقين) الذي خصّص فيه باباً عنوانه (في رحمة المحبين¡ والشفاعة لهم إلى أحبابهم...) ساق فيه الشواهد التي تدعو إلى إعانة العشاق والشفاعة لهم «شفاعة حسنة» تقرّبهم إلى من يُحبون¡ وذكر أن «الشفاعة للعشاق فيما يجوز من الوصال والتلاقي سنةٌ ماضيةٌ¡ وسعيٌ مشكور».
بقي أن أضيف أن العلّة التي لا دواء لها¡ والألم الذي يزيد عن ألم السكين حين تبلغ حد العظم يحدث حين يكون المحبوب سبباً في معاناة المحب¡ أو حين تكون الشفاعة مستحيلة للجمع أو التقريب بين عاشقين.




http://www.alriyadh.com/1714407]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]