المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : "ما ذلك الذي تحارب عليه¿"



المراسل الإخباري
07-11-2019, 07:27
http://www.qatarat.com/ من الأعمال التي تلفت الأنظار في بينالي الشارقة 2019¡ يظل يعاودني أحد الأعمال الذي قد لا يكون بامتداد الأعمال التركيبية الضخمة ولا بحجم شاشات العرض المتطورة¡ هذا العمل الذي لا يزيد على لوحة كانفاس بحجم ربما لا يزيد على المترين بمتر ونصف المتر معروض بإحدى حجرات "بيت السركال" الذي تم تحويله لمتحف.
تدخل الحجرة فتحتويك بضوئها الخافت وحميمية بيوت الماضي المنعشة في قيظ الخليج¡ تدخل وتستقبلك تلك اللوحة وحيدة في كامل الحجرة¡ صفحة من البياض الكامل تقبع بهدوء لا زخرف فيها ولا صخب¡ فقط تلك الحركة المتراجعة للكتابة المخطوطة على البياض¡ عبارة واحدة تخاطبك¡ تشدك من قلبك وعقلك¡ تسألك "ذلك الذي تحارب عليه." سؤال بالأسود يغرق لمؤخرة اللوحة ليتكرر بلون رمادي ويمعن في التراجع لخلفية اللوحة ليتحول السؤال لرمادي باهت لا يكاد يبين¡ حتى يتلاشى¡ "ذلك الذي نحارب عليه أو بالأحرى نتكالب عليه" ينسحب حتى يتلاشى. تقف بتلك العبارة التي تفتح بوعيك مثل موسوعة تلاحق فيها كل تلك الرغبات التي انتابتك¡ وكل المعارك الصغيرة التي خضتها كسبتها أم خسرتها¡ وأشبعتها أم لم تشبعها لكنها استهلكت من طاقتك¡ تستحضر كل ذلك ويتلاشى مثل رماد بين يديك¡ تدرك ألا شيء حقيقي¡ وأن طبيعة الأشياء والموجودات الزوال¡ والمغزى هنا ليس إغلاق باب الرغبات والأحلام والكف عن السعي وراء النجاح¡ مربط الفرس يكمن هنا في كلمة "تحارب" أي تطالبك صفحة البياض هنا بأن تراجع أساليب سعيك¡ وأن تروض شراسة المتكالب فيك وتسعى بإيمان بأن (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله¡ يصيب به من يشاء من عباده) بلا مزايدات وبلا ثرثرة ولا وعظ مباشر¡ يدعوك هذا العمل الفني لمساءلة ذاتك ولأساليب سعيك وراء الأحلام في دنياك هذه¡ العمل الفني وبمجرد استيقافك بالسؤال يدفعك للمراجعة¡ ولأن تتمثل في سعيك لروح الاستسلام والإيمان في هذه الآية¡ السعي وراء الحلم بروح الاستسلام لكل ما سيجيء مؤمناً بكونه الأفضل¡ أي القبول بتحقق الحلم أو بانهياره¡ لأن التكالب على النتيجة ينافي القبول والتسليم الضروريين لسلاسة تيار الحياة¡ يحملك للأفضل ولما يريده الله لك¡ لأن الإرادة الإلهية لا تمنحنا ما نرغب وإنما تمنح ما هو خير حتى وإن نافى رغباتنا.
عمل يقول: إن كل ما نتكالب عليه هو في النهاية وهم¡ وبالخلاصة لا شيء يجدي إلا ما تجلبه أقدارنا المنظومة سلفاً وبإعجاز¡ لا شيء يستحق أن تبيع نفسك متكالباً من أجله¡ والبيع هنا بمعنى خسارة سلامك وعدالتك ونزاهتك الروحية.
"ما ذلك الذي تحارب عليه¿" فلسفة في بياض¡ وباختزال تدرجات الأسود تختصر خُلَّب الحياة.




http://www.alriyadh.com/1765331]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]