المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل من حاجة للمدارس¿



المراسل الإخباري
07-13-2019, 20:46
http://www.qatarat.com/
أعتقد جازماً أنه في الوقت الحاضر تزداد الحاجة إلى المدارس¡ فلا يوجد مبدع أو فيلسوف إلا وكانت المدارس هي الحاضنة له في البداية¡ لكن الفرق هو أن هؤلاء عرفوا رغباتهم وقدراتهم مبكراً فركزوا عليها..
لعلي أبدأ بقصة طريفة عن بدايات التعليم ذكرها لي ابن المعني بالقصة حيث قال: حضر والدي من السوق بعد عصر يوم طويل إلى المزرعة راكباً حماره وهو الوسيلة شبه الوحيدة في ذلك الوقت¡ لكنه ما إن رأى الأغنام داخل الحوش بدل أن تكون في المرعى حتى غضب واستدار خارجاً من المزرعة يبحث عن ابنه الذي كان عليه أن يسرح بها بعد عودته من المدرسة¡ ليجدني في فناء المدرسة ألعب مع زملائي كرة الطائرة والمعلم المجتهد يتوسط الملعب يوجه ويصحح ويحكم بين اللاعبين¡ فاتجه والدي وهو لا يزال على حماره إلى وسط الملعب وإلى المعلم مباشرة لينهره ويضربه بالعصى ويقول له: ألا يكفيكم الصباح تأخذون أبناءنا منا¿ كتم المعلم غضبه وأنهى حصة الرياضة الإضافية وعزم على الشكوى¡ وفي المساء راجع والدي حساباته وعلم أنه أخطأ بحق ذلك المعلم المجتهد¡ فأرسل معي هدية ثمينة من البيض وديك كبير تسمع صوته من مئات الأمتار¡ وكان المعلمون من الدول العربية وحدهم من يأكلون البيض والدجاج في ذلك الوقت.
واليوم أعيد سؤال صاحبنا: ما الحاجة للمدارس¿ لقد وفرت لنا التقنية كل ما نحتاج من معلومات بمجرد تحريك الإصبع على لوح زجاجي لتجعل كل ما كتب وأنتج من معلومات لها علاقة بما نبحث عنه طوع بناننا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى¡ تعرضه أمام أبصارنا وأسماعنا. ما الحاجة للتعليم وها هم أغنياء العالم وعباقرته ومخترعوه لم يكملوا تعليمهم¿
أعتقد جازماً أنه في الوقت الحاضر تزداد الحاجة إلى المدارس فلا يوجد مبدع أو فيلسوف إلا وكانت المدارس هي الحاضنة له في البداية¡ لكن الفرق هو أن هؤلاء عرفوا رغباتهم وقدراتهم مبكراً فركزوا عليها ونموها بالتدريب المكثف والممارسة المستمرة حتى أصبحوا المرجع لهذه المهن والفنون والعلوم والآداب والفلسفة.
والمشكلة الأساس في التعليم في معظم دول العالم هو أنه بطيء في قبوله للتغيير ومن أشد المقاومين لتطوير مناهجه وطريقة أدائه وهو ما يفوت الفرص للحاق بركب الدول المتقدمة ولذا علينا أن نسعى لما يلي:
أولاً: إحداث تغييرات جذرية لطرق التدريس ومحتوى المناهج¡ بحيث يكون التركيز على أهم عوامل القوة لدى الإنسان وهو تفتيح العقول بحثها على التفكير والاستنباط وتعلم المهارات لبناء شبكات من الدوائر العصبية داخل أدمغة الطلبة تبدع وتنتج بدل أن تكون وعاء يحفظ المعلومة دون أن يمحصها أو يوظفها ودون أن يضيف إليها ما ينفع البشرية¡ وهذا لا يتم إلا باهتمام مستغرق وتدريب مستمر خصوصاً في مادة الرياضيات وفي إجراء التجارب العلمية وتعلم الفنون بأنواعها¡ أي ننتقل من التلقين والتكرار إلى التفكير والتحليل والتدريب العملي.
ثانياً: التأكيد على دور المدارس في بناء جيل قوي في صحته البدنية والنفسية¡ وهذا لن يتأتى إلا بتعاون وزارتي الصحة والتعليم لتطبيق الرعاية الصحية الأولية وجعل الرياضة ممارسة يومية¡ مع التركيز على مكافحة العادات المضرة قبل الوقوع بها كالتدخين والمخدرات¡ ومكافحة السمنة التي بدأت تنتشر بين صغار السن¡ وما لم نسارع لتطبيق ذلك فستصبح فاتورة معالجة الأمراض المستعصية مكلفة للغاية وستقتطع نسبة كبيرة من ميزانية الدولة.
ثالثاً: التعليم وحده هو القادر على وقف الإسراف والتدمير الذي يمارسه الإنسان على هذه البسيطة¡ فقد أصبح الإنسان مستهلكاً لأهم مقومات الحياة على هذا الكوكب من ماء وغذاء¡ ومدمراً للحياة الفطرية والبيئة بكل عناصرها¡ ويكفي أن نعلم أن خسائر المملكة السنوية من التدهور البيئي وتلوث الهواء والماء يقدر بحوالي 84 مليار ريال سنوياً حسب تقرير هيئة الأرصاد وحماية البيئة السنوي للعام الماضي. لذا فعلينا أن نجعل من كل مدارسنا بيئة تعليمية صديقة للبيئة¡ فهؤلاء الطلبة هم الذين سيتولون إدارة البلديات والزراعة والبيئة والصناعة. كما أن ضحايا الحوادث المميتة على الطرقات هم طلبة المدارس ما يعني أن تكون السلامة ضمن المنهج وأن يطبق ذلك على كل أنشطة المدارس والجامعات¡ إضافة إلى أن خريجيها هم من سيقوم بضبط الشارع ومجازاة كل من يستهتر بحياته وحياة غيره.
نعيش عصر تغييرات سريعة تقودها التقنية بكل منتجاتها من حاسبات وهواتف محمولة وذكاء صناعي وغيره وهو ما يحتم أن يواكب التعليم هذه المتغيرات بالتركيز على تفتيح العقول وزرع القيم والمساهمة في بناء أجسام وعقول سليمة¡ المدارس هي خط الدفاع الأول ضد الممارسات الخاطئة والعادات المضرة.




http://www.alriyadh.com/1765680]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]