المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بين الوقواق.. والكوكا!



المراسل الإخباري
08-02-2019, 09:30
http://www.qatarat.com/
وصف علماء البيئة هذا النوع من الطيور بالأنانية حتى أطلق عليه (الطائر الأناني)º ذلك لأنه يتصرف بأسلوب بالغ الغرابة¡ فهذه الطيور لا تتحمل مسؤلية الكد والعمل¡ ولا تذهب مع مطلع الشمس ترتزق..
الوقواق طائر يقابلك بكل هدوء¡ متشحًا بغلالة شفافة من الخجل والهدأة والطيبة¡ تجعل حاضنه يشفق عليه من فرط وداعته ومن تظاهره بقلة الحيلة والاستسلام باهظ الرقة وقلة الحيلة. وهو نوع من الذكاء المتحايل¡ الذي يمهد به طريقًا للحصول على مبتغاه¡ وقد يتشابه مع الثعلب في المكر والدهاء والتحايل¡ إلا أنه يختلف كثيرًا بتفوقه في الرقة والمداهنة وإظهار الحب والتودد! وهذا نوع مفرط في الذكاء المداهن والخداع. فالطيور جميعها تذهب خماصًا مع أول خيط للضوء¡ تخالها تستجلب رزقها بريشها الذاهب في آفاق الكون¡ ومع كل ريشة تنفضها في الهواء يرسل الله لها الرزق ما دامت في دأب دائم وجد وكفاح ونشاط وقل ما تشاء.
لكن هذا النوع مفرط الغرابة¡ يحمل في رأسه نوعًا من الخبث وكأنه يريد أن يأتيه رزقه في عقر عشه على حساب الجادين والمثابرين والطامحين من أبناء جنسه الحائمة في سماء الحب والوئام وطلب الرزق¡ وكل منها في شأنه!
وصف علماء البيئة هذا النوع من الطيور بالأنانية حتى أطلق عليه (الطائر الأناني)º ذلك لأنه يتصرف بأسلوب بالغ الغرابة¡ فهذه الطيور لا تتحمل مسؤلية الكد والعمل¡ ولا تذهب مع مطلع الشمس ترتزق¡ بل تحلق في السماء على مقربة من الأعشاش¡ تستكشف مكامن البيض في كل عش في غياب الطائر الأم¡ لتضع بيضها بين صفوف بيض الأخريات¡ وتذهب في حرية ومن دون عناء متخلية عن مسؤولية ما قد يقذفه البيض من أبناء يحتاجون إلى الكد والجهد والعمل¡ وكل ما يتبع ذلك من عناء. ولا ينتهي الأمر عند هذا الحد¡ بل تبادر في قذف البيض الآخر واحدة تلو الأخرى خارج العشº حتى لا يشارك صغارها فيه¡ فيفرغ العش له¡ وبما أن طيور الوقواق تفقس سريعًا¡ فتقذف بكل البيض الموجود جوارها¡ وتكون هي الأوحد الحائز على كل اهتمام الطيور المخدوعة¡ التي تفرع ما في حوصلتها في جوفه حين تعود ظنًا منها أنها أبناؤها. وبطبيعة الحال يكبر حتى إن العش لا يسعه هو ومن معه¡ فيقذف بالأم خارجه¡ ويبقى مزهوًا بنجاحه المتفوق على أقرانه¡ ثم تبدأ أنثاه في البحث عن أعشاش أخرى لتضع فيها البيض¡ وتتخلى بدورها كما فعلت سابقتها¡ فهي لا تقل أنانية عن أمها!.
فهذا الطائر لا يبني عشًا على الإطلاق تاركًا هذه المهمة الشاقة للطيور الأخرى¡ فتحيا حياة بالمجان غير معترفة بصغارها¡ وغير معترفة بالكفاح من أجل سعادة الآخرين!
ولعلنا في هذا السلوك نكون على قرب من السلوك الذي يتجلى في كثير من البشر¡ خاصة في زمن تكثر فيه احتياجات الحياة ومتطلبات المعيشة¡ وكأن اللامبالاة والاستسهال والتخلي عن المسؤولية والارتكان إلى الدعة والراحة¡ والعيش على حساب الآخرين أصبح سمة لهذا الزمن¡ فإن لزم الأمر ترك الأب أو الأم العش ونشر ريشه في أنحاء الأرض تاركًا ما وراءه من أطفال¡ إما لأب وإما لأم كل بحسب جنسه¡ وكأن الأمر سهل وعادي¡ غير عابئين بما سيواجهه هؤلاء الصغار من الأم من إهمال¡ وسوء تربية¡ وربما يصل الأمر إلى القهر لأناس أبرياء¡ والتعذيب إن لزم الأمر! فارتفاع نسبة الطلاق في بلادنا¡ وما نشاهده من تشرد الأطفال أو القذف بهم في أحضان الأقارب¡ وما إلى ذلك¡ يحيلنا بدوره إلى طائر الواقواق المحتال الكسول المستبيح لأرزاق وراحة خلق الله¡ فهذه المشكلة أضحت ظاهرة مقيتة في كل أنحاء الوطن العربي¡ ولا أعلم ما الذي دفع هؤلاء إلى مثل هذا السلوك المقيت والمستفز¡ سواء كان ذكرًا أم أنثى¡ فسلوك طائر الوقواق مكتسب بالوراثة الجينية¡ أما الفرد من هؤلاء فمن أين اكتسب هذا الأمر الذي يتفشى يومًا بعد يوم حتى امتلأت الملاجئ ودور الرعاية¡ فطفح الكيل إلى الشارع أيضًا¡ مكونًا قنابل موقوتة في المحيط الاجتماعي!
ورغم هذا المثال المرفوض من هذا السلوك بين الطيور¡ الذي يجد ما يقابله بين البشر¡ إلا أننا نرى طائرًا آخر شديد الإخلاص والوداعة والحب¡ وهو (طائر الكوكا) والملقب (بالطائر الضاحك)º إذ إنه يبدو مبتسمًا طيلة الوقت¡ أنيس يأنس البشر والحجر¡ ويأمن كل من اقترب منه¡ لكنه يلقى حتفه نظير هذه الطيبة المفرطة¡ فتأكله الحيات والأفاعي ويصطاده البشر!.
ومن هذين المتناقضين نستطيع أن نحكم على فرط السلوك بين الطيبة المفرطة والجهل بمكامن الأمور¡ وبين التخلي والعناد والاستهتار بمقتضيات الأمور¡ والعيش على حساب الآخرين والتخلي عن المسؤولية¡ فكلاهما يؤدي إلى الهاويةº لأن كلاهما لم يتقن فن العيش في هذا العالم بسلام وحب¡ فالحب وتحمل المسؤولية إذا ما غادرا موطنهما ساد الفزع المؤدي إلى الهلاك¡ وخرج لنا جيل مهترئ مندد بمستقبل مرهون بالفقد والحقد والكراهية.




http://www.alriyadh.com/1769415]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]