المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بيع الأمل على اليائسين.. المجتمعات والإعلام الجديد في العالم



المراسل الإخباري
09-02-2019, 21:05
http://www.qatarat.com/
الأكثر إثارة في وسائل التواصل الاجتماعي وأبطالها أن الجميع يبيعون الأمل¡ بصرف النظر أن يكون تسويق هذا الأمر ليائسين أو بين فئات تجاوزت اليأس وتجاوزت الأمل¡ وهي ترغب في القيام بكل شيء مجنون يمكنها من تقييم ذاتها بطريقة مقنعة لهم وللآخرين..
لست متخصصاً في الإعلام ولكني متخصص في علم الاجتماع¡ التخصص الذي أعتقد أنه سيبعث من جديد للعالمº لأن تحولات العالم اليوم تطال أهم تفاصيل الحياة بطبيعتها المجتمعية وليس بطبيعتها السياسية أو الاقتصادية أو حتى الثقافيةº لأن وسائل التواصل الاجتماعي هي خط مباشر يحاول أن يوجه الإنسان¡ ولكن بضريبة كبيرة ومخيفة ومقلقة.
وسائل التواصل الاجتماعي في العالم تتشكل من عنصرين مهمين: مرسل¡ ومستقبل¡ ولكن بأدوار معقدة وضمانات كبرى بالنسبة لمن يمتلك تلك الوسيلة¡ بمعنى دقيق لا يوجد بين رموز ومشاهير السوشل ميديا على سبيل المثال من تقوم شهرته في هذا المجال عليه شخصياً انطلاقاً من الرئيس الأميركي ترمب المؤمن بهذه الوسائل إلى أصغر وأحدث مستخدم لهذه الوسائل.
تحقيق الأمر في غاية البساطة¡ والكل قادر على أن يفعله¡ ولست بحاجة إلى أن تكون خريج هارفرد أو جامعة ييل¡ ولكن الشرط الرئيس أن تستخدم أيديولوجيا خاصة بك لتؤثر في هذه الوسائل¡ عليك أن تنشئ أيديولوجيا خاصة بك تستثمر فيها¡ سواء في مجال سياسي كما يفعل الرئيس ترمب أو في مجال إعلاني اقتصادي أو اجتماعي¡ كل ما تحتاجه أن تقرر أن تبدأ إيمانك الجديد عبر هذه الوسائل وتنشر ما يحتاجه محيطك المجتمعي.
كل ما يتطلبه الأمر إتقان هذه الوسائل وبناء منظومة من المسارات عبر استثمار ما يحتاجه الناس الذين تستهدفهم منك¡ ولكن بشرط أساسي أن تعمل على صياغة محكمة لمسارك الجديد¡ إلا إذا كنت تملك منصباً سياسياً أو اقتصادياً أو ثروة يتطلع الناس إلى معرفة ما يدور حولها هناك فقط سوف تكون المهمة أكثر بساطة إذا قررت أن تدخل إلى هذا العالم.
في لحظة مفاجئة سوف تكتشف أنك تربح بطريقة مبهرة وغير متوقعة¡ وينضم إليك الكثير من المتابعين¡ وسوف يخلصون لك كل الإخلاص¡ وسوف يدافعون عنك في حواراتهم مع الآخرين¡ وقد يتشاجرون من أجلك¡ سوف يحبك الناس من دون أي سبب ولا تبرير¡ لن تكون مضطراً لأن تدفع الرشى والأعطيات لكي يتبعك الناس¡ فما سوف تمنحهم إياه من تسهيلات عبر إعلانك أو مسارك الفكري هو في الحقيقة لا يكلفك أنت أي شيء¡ إنما هو ثمرة هذا الانتشار الذي تحققه في وسائل التواصل الاجتماعي لتتحول إلى ثقل فوق كاهل الثقافة المجتمعية.
الأكثر إثارة في وسائل التواصل الاجتماعي وأبطالها أن تلك الوسائل تساهم وتساعد مشاهيرها في الاختيار¡ هل تريد متابعين شباباً¡ هل تريد متابعين ذكوراً أو إناثاً¡ هل ترغب في متابعين فقراء أم أغنياء¡ كل شيء من الخيارات يمكن تحقيقه¡ فكل ما في الأمر أن الجميع يبيعون الأمل بصرف النظر أن يكون تسويق هذا الأمر ليائسين أو بين فئات تجاوزت اليأس وتجاوزت الأمل¡ وهي ترغب في القيام بكل شيء مجنون يمكنها من تقييم ذاتها بطريقة مقنعة لهم وللآخرين.
ليست المشكلة في وسائل التواصل الاجتماعي وكيفية ضبطها في المرحلة الحالية¡ ولكن تكمن المشكلة في أن وسائل التواصل الاجتماعي جلبت الجماهير إلى منصة يستحيل السيطرة عليها¡ وقد يكون ذلك في المستقبل القريبº لأن هذه الوسائل تستخدم أدوات أصبحت مثل الأكسجين والماء بالنسبة للعالم¡ لن يكون من السهل التحكم في بيع منتجات هذه الوسائل الفكرية¡ فلا يمكن التنبؤ بقدرتها أن تكون مساراً ينبش بين الماضي والحاضر ويخترق التاريخ ويخلق الفجوات الثقافية.
التواصل الاجتماعي يمتلك من الأدوات المؤثرة في البشرية¡ وقد يأتي يوم فيصعب انتزاع تأثيراتهاº لأن هذه الوسائل وعبر مشاهيرها الذين يجوبون العالم تخلق قيماً ثقافية قد تبدو هشة في الحاضر¡ ولكن في المستقبل كما أجزم سوف تتحول هذه الأدوات إلى مسار للإيمان بقيم مشتركة وتصرفات متشابهة للأتباع وبقوة تتجاوز حدود الجغرافيا والتاريخ.
قد نكون مع هذه الوسائل اليوم في مرحلة بيع الأمل لليائسين وتعجبنا آثارها¡ ولكن قد يكون المستقبل مختلفاً تماماً¡ وسائل التواصل الاجتماعي هي عبارة عن منصات أيديولوجية منصوبة بطول العالم¡ وعرضة وتأثيراتها لا يجب أن ينظر إليها من خلال كيفية الحد منها أو محاصرتهاº لأن ذلك لن يكون مفيداً في ظل حياة عالمية تديرها وتتحكم فيها وسائل التواصل الاجتماعي عبر تقنيات أصبحت جزءاً من ثقافة الكون.
لن تكون كلمة "احذر" مناسبة للتعامل مع هذه الوسائل¡ ولابد أن هناك كلمة أخرى لابد من اختراعها إذا كانت هناك فرصة يمكن للعالم أن يفكر بها لمحاولة فهم تأثيرات هذه الوسائل¡ مع أني أشك أن هناك طريقة يمكن بها تكميم هذه الثقافةº لأنها ثقافة يجب التعامل معها وفق نظرية الحصول على أقل الأضرار والتكاليف.




http://www.alriyadh.com/1774431]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]