المراسل الإخباري
09-03-2019, 08:53
http://www.qatarat.com/
الحقيقة العلمية هي بناء موضوعي منطقي وتجربة مجسدة¡ ورفض القبول بحقيقة الأشياء يؤكد وجود علة في جوف العقل العربي¡ فهل هي من شوائب وأشواك موروثه الثقافي¿¡ على الأرجح وإن كانت الحقيقة هنا تعني الصواب ونفيها هو الكذب ومعيار صدقها هو الواقع..
العقلية العربية عادة ما تغرق في التناقض الموجع¡ لا سيما حين مواجهتها الحقيقة¡ ولذا الفلسفة تقول: "إن الحقيقة تتجسد في علاقتها بالتجربة والظواهر الحسية¡ أي أن المدرك الحسي يتحول في الذهن إلى أفكار¡ فتصبح الحقيقة هي تطابق الفكر للواقع".
الشخص المحايد¡ مع إيماننا بنسبية الأشياء¡ ينشد بطبيعة الحال معرفة الحقيقة¡ ويقر بها بغض النظر عن محتواها¡ كونه يستند للموضوعية حين الحكم على الأشياء¡ بعبارة أخرى هي قراءة عقلية معرفية¡ ولا تمت بصلة بالانطباع أو الكرامة أو عزة النفس¡ وهذا يقودنا للحديث عن منهجية التفكير لدى العقل العربي¡ فعندما تُجسد الحقيقة أمامه وبواسطة عقله فقد يتملص منها إن أراد لأسباب تخصه مع أن نفيه لا يلغي وجودها¡ فالحقيقة هي معيار ذاتها¡ مثل نور الشمس لا تحتاج إلى ما يؤكدها.
ولكي نمضي لمعرفة المزيد من خفايا هذه العقلية¡ تأمل ردود الفعل إزاء قضية جدلية معينة¡ تجد تنوع الآراء بشأنها ناهيك عن رؤيتهم الأحادية التي تكرس الإدانة والإقصاء والإلغاء¡ الحقيقة أن هناك فارقاً ما بين الرأي الذي يستند على الاعتقاد السائد لدى عامة الناس في حين أن الحقيقة العلمية هي بناء موضوعي منطقي وتجربة مجسدة.
رفض القبول بحقيقة الأشياء يؤكد وجود علة في جوف العقل العربي¡ فهل هي من شوائب وأشواك موروثه الثقافي¿ على الأرجح وإن كانت الحقيقة هنا تعني الصواب ونفيها هو الكذب ومعيار صدقها هو الواقع.
نستحضر هنا قصتين مأثورتين تعكس فكرة المقال وبامتياز¡ وإن تكرر ذكرهما من قبل. الأولى¡ تقول إنه كان هناك شخصين اثنين يسيران في الصحراء¡ فرأى الأول جسماً أسود يتحرك عن بعد¡ مشيراً إلى أنه غراب¡ في حين أن الآخر اعترض على ذلك مشيراً بأنها عنز¡ وعندما اقتربا من ذلك الجسم طار على الفور¡ فتهكم صاحبه قائلاً: ألم أقل لك إنه غراب¡ فما كان من الأول إلا أن أصرّ على رأيه مؤكداً أنها: "عنز ولو طارت".
وفي هذا السياق القصصي تنزف الذاكرة بقصة أخرى معروفة ومأثورة "لطالبين جامعيين كانا ينتميان إلى عشيرتين مختلفتين على عداء شديد فيما بينهما بسبب ثأر وخلافات استمرت عشرات السنين¡ وكان أن تعارفا هذان الطالبان¡ وجلسا ذات يوم يتحدثان عن مدى تخلف قبيلتيهما¡ وعن مساوئ بعض العادات القبلية¡ ثم ما لبثا أن تذاكرا كيف أن حرباً ضروساً جرت بين القبيلتين بسبب رهان حصل بين شخصين منهما¡ والذي كان محوره¡ هل يستطيع كلب شيخ القبيلة الأول أن يقفز عن حائط الدار دون أن يمس ذيله حافة الحائط¡ وكان أن أوعز الشيخ إلى كلبه بالقفز فقفز¡ لكن الشيخين اختلفا حول ما إذا كان ذيل الكلب قد لمس حافة الحائط أم لا¡ فزعم الأول أن ذيله "لم يلمس الجدار"¡ في حين أصر الثاني أنه" لمس"¡ فتنابذا¡ وضرب أحدهما الآخر فشج رأسه¡ وكان ذلك إيذاناً بحرب عشائرية دامت عقوداً".
"وبعد أن هدأت قهقهة الصديقين الجامعيين على هذا الجهل القبلي¡ التفت أحدهما إلى صاحبه وقال: ولكن دعنا من الهزل¡ فالحقيقة أن ذيل الكلب وقتها "لم يلمس الجدار"¡ الأمر الذي أثار استنكار الآخر وحماسته للحقيقة التاريخية¡ فانبرى يؤكد أنه بلى قد "لمس"¡ وما هي إلا لحظات حتى ارتفع الصوتان¡ واشرأب العنقان ثم علت القبضتان¡ فتطايرت على الطاولة صحون وتكسرت قوارير¡ ويقال إن ذلك كان إيذاناً ببدء حرب قبلية جديدة لا نعلم كم دامت".
لا نعلم على وجه الدقة إن كانت هاتان القصتان قد حدثتا أو لم تحدثا¡ وإن بدتا مسرفة في المخيالية والمشهدية¡ القصتان تحملان في طياتهما حيزاً كبيراً من الحقيقة والعبر والمعاني والخفايا والحكم¡ كون العقلية المنتجة لهما قابعة في أعماقنا كائنة في مجتمعاتنا¡ بدليل تشبث البعض بصحة ما يطرحونه من آراء وعدم التنازل عنها في حال الخطأ.
نقد الذات لا جلدها¡ والاعتراف بأخطائها دون مكابرة¡ خطوة أولى وفارقة¡ ووقتها فقط تكون قد بدأت بإصلاح الخلل¡ بالركون للحوار وقبول التعددية والاختلاف وبالتالي تلحق بركب العالم المتحضر¡ هذا إن أردت فعلاً ذلك.!
http://www.alriyadh.com/1774548]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]
الحقيقة العلمية هي بناء موضوعي منطقي وتجربة مجسدة¡ ورفض القبول بحقيقة الأشياء يؤكد وجود علة في جوف العقل العربي¡ فهل هي من شوائب وأشواك موروثه الثقافي¿¡ على الأرجح وإن كانت الحقيقة هنا تعني الصواب ونفيها هو الكذب ومعيار صدقها هو الواقع..
العقلية العربية عادة ما تغرق في التناقض الموجع¡ لا سيما حين مواجهتها الحقيقة¡ ولذا الفلسفة تقول: "إن الحقيقة تتجسد في علاقتها بالتجربة والظواهر الحسية¡ أي أن المدرك الحسي يتحول في الذهن إلى أفكار¡ فتصبح الحقيقة هي تطابق الفكر للواقع".
الشخص المحايد¡ مع إيماننا بنسبية الأشياء¡ ينشد بطبيعة الحال معرفة الحقيقة¡ ويقر بها بغض النظر عن محتواها¡ كونه يستند للموضوعية حين الحكم على الأشياء¡ بعبارة أخرى هي قراءة عقلية معرفية¡ ولا تمت بصلة بالانطباع أو الكرامة أو عزة النفس¡ وهذا يقودنا للحديث عن منهجية التفكير لدى العقل العربي¡ فعندما تُجسد الحقيقة أمامه وبواسطة عقله فقد يتملص منها إن أراد لأسباب تخصه مع أن نفيه لا يلغي وجودها¡ فالحقيقة هي معيار ذاتها¡ مثل نور الشمس لا تحتاج إلى ما يؤكدها.
ولكي نمضي لمعرفة المزيد من خفايا هذه العقلية¡ تأمل ردود الفعل إزاء قضية جدلية معينة¡ تجد تنوع الآراء بشأنها ناهيك عن رؤيتهم الأحادية التي تكرس الإدانة والإقصاء والإلغاء¡ الحقيقة أن هناك فارقاً ما بين الرأي الذي يستند على الاعتقاد السائد لدى عامة الناس في حين أن الحقيقة العلمية هي بناء موضوعي منطقي وتجربة مجسدة.
رفض القبول بحقيقة الأشياء يؤكد وجود علة في جوف العقل العربي¡ فهل هي من شوائب وأشواك موروثه الثقافي¿ على الأرجح وإن كانت الحقيقة هنا تعني الصواب ونفيها هو الكذب ومعيار صدقها هو الواقع.
نستحضر هنا قصتين مأثورتين تعكس فكرة المقال وبامتياز¡ وإن تكرر ذكرهما من قبل. الأولى¡ تقول إنه كان هناك شخصين اثنين يسيران في الصحراء¡ فرأى الأول جسماً أسود يتحرك عن بعد¡ مشيراً إلى أنه غراب¡ في حين أن الآخر اعترض على ذلك مشيراً بأنها عنز¡ وعندما اقتربا من ذلك الجسم طار على الفور¡ فتهكم صاحبه قائلاً: ألم أقل لك إنه غراب¡ فما كان من الأول إلا أن أصرّ على رأيه مؤكداً أنها: "عنز ولو طارت".
وفي هذا السياق القصصي تنزف الذاكرة بقصة أخرى معروفة ومأثورة "لطالبين جامعيين كانا ينتميان إلى عشيرتين مختلفتين على عداء شديد فيما بينهما بسبب ثأر وخلافات استمرت عشرات السنين¡ وكان أن تعارفا هذان الطالبان¡ وجلسا ذات يوم يتحدثان عن مدى تخلف قبيلتيهما¡ وعن مساوئ بعض العادات القبلية¡ ثم ما لبثا أن تذاكرا كيف أن حرباً ضروساً جرت بين القبيلتين بسبب رهان حصل بين شخصين منهما¡ والذي كان محوره¡ هل يستطيع كلب شيخ القبيلة الأول أن يقفز عن حائط الدار دون أن يمس ذيله حافة الحائط¡ وكان أن أوعز الشيخ إلى كلبه بالقفز فقفز¡ لكن الشيخين اختلفا حول ما إذا كان ذيل الكلب قد لمس حافة الحائط أم لا¡ فزعم الأول أن ذيله "لم يلمس الجدار"¡ في حين أصر الثاني أنه" لمس"¡ فتنابذا¡ وضرب أحدهما الآخر فشج رأسه¡ وكان ذلك إيذاناً بحرب عشائرية دامت عقوداً".
"وبعد أن هدأت قهقهة الصديقين الجامعيين على هذا الجهل القبلي¡ التفت أحدهما إلى صاحبه وقال: ولكن دعنا من الهزل¡ فالحقيقة أن ذيل الكلب وقتها "لم يلمس الجدار"¡ الأمر الذي أثار استنكار الآخر وحماسته للحقيقة التاريخية¡ فانبرى يؤكد أنه بلى قد "لمس"¡ وما هي إلا لحظات حتى ارتفع الصوتان¡ واشرأب العنقان ثم علت القبضتان¡ فتطايرت على الطاولة صحون وتكسرت قوارير¡ ويقال إن ذلك كان إيذاناً ببدء حرب قبلية جديدة لا نعلم كم دامت".
لا نعلم على وجه الدقة إن كانت هاتان القصتان قد حدثتا أو لم تحدثا¡ وإن بدتا مسرفة في المخيالية والمشهدية¡ القصتان تحملان في طياتهما حيزاً كبيراً من الحقيقة والعبر والمعاني والخفايا والحكم¡ كون العقلية المنتجة لهما قابعة في أعماقنا كائنة في مجتمعاتنا¡ بدليل تشبث البعض بصحة ما يطرحونه من آراء وعدم التنازل عنها في حال الخطأ.
نقد الذات لا جلدها¡ والاعتراف بأخطائها دون مكابرة¡ خطوة أولى وفارقة¡ ووقتها فقط تكون قد بدأت بإصلاح الخلل¡ بالركون للحوار وقبول التعددية والاختلاف وبالتالي تلحق بركب العالم المتحضر¡ هذا إن أردت فعلاً ذلك.!
http://www.alriyadh.com/1774548]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]