المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سفاسف الأمثال



المراسل الإخباري
09-09-2019, 08:12
http://www.qatarat.com/ حياة الإنسان¡ كما يراها الشيخ عبدالكريم الجهيمان (تـ 1433هـ)¡ مزيجٌ من السمو والإسفاف¡ والخير والشر¡ والطهر والدنس¡ «فهي تارة تكون سمواً وتارة تكون إسفافاً¡ طوراً ترى فيها أدوار الملائكة يمثلها البشر¡ وطوراً ترى فيها أدوار الشياطين يقوم بها البشر أيضاً». هذا الكلام¡ الذي يُدركه معظم العقلاء بداهةً¡ اضطر الجهيمان لتكراره في أكثر من موضع في مؤلفاته الشعبية ليُذكّر به المعترضين ممن لا يعجبهم نشر نصوص تراثية لا توافق هواهم أو تتسم بالصراحة وتوصف بأنها نصوص مُتجاوزة أو «تخدش الحياء» أو غير لائقة¡ مع أن أولئك المعترضين كما يؤكد في مقدمة موسوعة (الأمثال الشعبية في قلب جزيرة العرب): «قد ينفرون من هذه الأمور مكتوبة¡ ولكنهم قد يمارسون مثلها أو أكثر منها مجوناً وتهتكاً وإباحية في الخفاء»!
كثيرون يدركون أن نصوصاً شعبية كالأمثال والحكايات¡ وغيرها¡ تُعبّر بصدق عن حقيقتهم وعن واقعهم الاجتماعي¡ وأن حضورها في أحاديثهم وأسمارهم يضفي عليها مزيداً من المتعة والطرافة¡ لكنهم في ذات الوقت لا يحبذون الاعتراف بها أو يعترضون بشدة على تدوينها في الكتب باعتبارها من «سفاسف» المأثور. وقد اعترف الجهيمان في مقدمة الأمثال باستجابته للمعترضين¡ أحياناً¡ بإسقاط الأمثال الصريحة «صراحةً واضحة» في الأمور الجنسية واستبدال بعض الألفاظ في بعضها بنقط متتابعة مراعاة لمشاعرهم «الرقيقة».
تكشف الأمثال الشعبية للناظر عن طبيعة الإنسان في مختلف أحواله¡ كما تكشف عن جوانب القصور والضعف التي لا يرغب في كشفها للآخرين¡ وقد تحدّث الدكتور فالح بن شبيب العجمي¡ على سبيل المثال¡ في دراسته: (دور المثل الشعبي في صناعة القيم) عن دور الأمثال في نشر وتعزيز قيم سلبية عديدة ترتبط بالتخلي عن المسؤولية من بينها: «الأنانية¡ مداهنة القوي¡ تبادل المصالح على حساب الآخرين¡ إقفال باب الطموح¡ تعزية النفس وتبرير التقصير¡ ومحاربة التجديد». لكن الفئات التي طالبت الجهيمان بحذف الأمثال «الصريحة» لا ترى في هذا النوع من الأمثال أي خطورة أو إفساد للمجتمع¡ وتستمر في تداولها من دون أي تأمل أو نقد لمضمونها.
لا بد لأي باحثٍ أو جامعٍ للتراث من مواجهة معارضةٍ لنشر بعض النصوص التي بين يديه بدعاوى متنوعة¡ كما حدث مع الجهيمان في الأمثال الشعبية¡ لكن الواجب عليه هو الدفاع عنها وعن حقها في التدوين والاستمرار في الحياة¡ مع حفظ حق الآخر¡ المشروع¡ في نقدها وإبداء رأيه الصريح تجاه مضامينها. وقد نجح الجهيمان -رحمه الله- في إنقاذ نصوص شعبية كثيرة من بينها الأمثال التي دافع عنها بشجاعته المعهودة¡ ونشرها في عشرة أجزاء¡ ولم يتردد أبداً في القول: «لو كان الخيار بيدي لسجلتها جميعاً».




http://www.alriyadh.com/1775641]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]