تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : عبد الروتين!



المراسل الإخباري
10-04-2019, 04:51
http://www.qatarat.com/ السيد «بارتلبي»¡ موظف صامت¡ كان يقوم بعمله الذي تعاقد عليه خير قيام في مكتب محاماة¡ مختص بالصكوك العقارية. كانت مهمته القيام بنسخ أربع صور من كل صك¡ يحيله عليه صاحب المكتبº لكن الصور الأربع التي ينسخها لابد من مضاهاتها مع النسخة الأصلية للصك¡ بواسطة أربعة من موظفي المكتب¡ منهم «بارتلبي»¡ وقد فوجئ المدير أن «بارتلبي» يعتذر بحزم عن هذه المهمة¡ مردداً بأدب جم: «أفضل أن لا!» هذا الرد بات جاهزاً لدى «بارتلبي» عندما يطلب منه إنجاز أي شيء¡ غير ما تعاقد للعمل عليه¡ من نسخ للصكوك العقارية.
وقد لاحظ صاحب مكتب المحاماة عديداً من المؤشرات التي تدل إما على بلادة متأصلة في السيد «بارتلبي»¡ وإما على رهاب خاص تجاه كل ما من شأنه إحداث تغيير في روتينه اليومي أو الحياتيº فهو لا يخرج من خلف الحاجز الذي يمارس عمله فيه¡ وهو عندما ينتهي من عمله يقف بالساعات أمام جدار سد يحجبه عن الضوء وعن حركة الشارع¡ وهو لا يأكل شيئاً طوال اليوم¡ مكتفياً بتناول حفنة من المكسرات يوصي عليها الساعي.
وقد تطور هذا الرفض حتى فاجأ رئيسه برفضه نسخ الصكوك¡ وهو عمله الأصلي لمرض أصاب عينيه¡ وقد حاول أن يثنيه عن قراره لكن دون جدوى¡ وعندما ضاق صاحب المكتب به طلب منه تقديم استقالة مع عرض بمساعدته¡ وتقديم مكافأة جيدة إذا رغب الانتقال إلى عمل آخر¡ وكان رد «بارتلبي» باختصار: أفضل أن أبقى معك! حينذاك لم يكن أمام صاحب المكتب إلا ترك مقره والانتقال إلى مقر آخر بعيد عن مكتبه الذي عرف به¡ والذي رفض «بارتلبي» مغادرته بحزم¡ حتى يحفظ للمكتب هيبته أمام مراجعيه.
وقد فوجئ المحامي ذات يوم بوفد يضم صاحب العمارة التي كان يباشر منها أعماله¡ ومعه مجموعة من المستأجرين يستغيثون به¡ ليجد حلاً للسيد «بارتلبي» الذي استقر في الممر المواجه لمكتبه السابق! وكان الحل الأخير الاستعانة بإدارة مكافحة التشرد¡ حيث أخذ إلى هناك.. وقد زاره صاحب مكتب المحاماة¡ وأوصى عليه متعهد التغذية في دار رعاية المتشردين¡ لكن الرجل قال له بأسى: «بارتلبي» لا يتناول شيئاً منذ حل في الدار!
وفي زيارته الأخيرة «لبارتلبي» وجده متمدداً مفتوح العينين في المنطقة المزروعة بالدار. حركه وخاطبه بهدوء كما هي عادته معه¡ لكن «بارتلبي» كان قد مات¡ فاتحاً عينيه باتجاه الفراغ!
هذه العينة أصبحت دلالة على الشخص البليد¡ الذي لا يغير جلده ولا يتفاعل مع ما حوله من أحداث أو تطورات¡ سلبياً أو إيجابياً¡ سوف تجد هذا الشخص كثيرًا في مناحي الحياة كافة¡ شخص يرى ضياعه أو موته في خروجه عن خط حقق له بعض الراحة¡ إنها «لعنة بارتلبي» الرواية القصيرة¡ التي تعتبر درة من درر الكاتب الأميركي «هيرمان ملفيل»!




http://www.alriyadh.com/1780258]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]