المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في مفهوم البينية وأصولها



المراسل الإخباري
10-05-2019, 13:41
http://www.qatarat.com/ كان لأستاذي التونسي الدكتور صالح بن رمضان – حفظه الله – إسهام واضح في وضع حدود هذا المصطلح¡ وأصوله¡ وأسسه¡ وذلك من خلال كتابه الفخم (التفكير البيني¡ أسسه النظرية¡ وأثره في دراسة اللغة العربية وآدابها)¡ وقد ذكر في كتابه هذا بعض التعريفات لبعض العلماء¡ والباحثين الغربيين والفرنسيين تحديدًا¡ فمن ذلك تعريف الفرنسي (ميشال نيساني)¡ الذي يشير إلى أن البينية: «عملية تفاعل وتبادل للمعارف بين تخصصات مختلفة¡ وهو تبادل قد يفضي إلى أن تتكامل التخصصات المتداخلة¡ فتكون تخصصًا جديدًا¡ والبينية هي تضايف يحدث بين مكونين أو أكثر¡ يكون كل مكون منها منتميًا إلى علم من العلوم¡ أو تخصص من التخصصات».
ويشير الغربيون - بحسب أستاذنا الدكتور صالح – إلى أن البينية بهذا التعريف مجال معرفي¡ يُثبت قدرة الفرد¡ أو الشخص ذي الثقافة العالية المتنوعة على امتلاك معارفَ دقيقةً في تخصصات مختلفة¡ كأن يجمع بين علم الإحصاء الكمي¡ والرياضيات الاحتمالية¡ وعلم الاقتصاد السياسي¡ وربما كانت هذه التخصصات متباعدة¡ كأن يجمع بين الاقتصاد المالي¡ وعلم الموسيقا. ويقول (ويليام نويل) و(جولي تومسن كلاين): «إن الدراسة البينية دراسة مرجعها حقلان معرفيان فأكثر¡ وهي دراسة تجيب عن أسئلة وعن مشكلات يعسر على نظام معرفي واحد حلها»¡ ويعرفها (باتريك شارودو) بأنها: «جهد معرفي يُبذل للربط بين المفاهيم والأدوات والنتائج التي يصل إليها التحليل في مختلف التخصصات»¡ ويرى بعض الباحثين أن البينية ستصبح المقوم الأساسي لتعريف العلم¡ وأن كثيرًا من العلوم تتداخل على نحو يجعل التمييز بينها عملاً لا طائل من ورائه. ويقترح هؤلاء العلماء استبدال مصطلح العلم بمصطلح الحقل المعرفيº لأنهم يرون أن علومًا كثيرة تتداخل مجالاتها بشكل حيوي¡ ولا يمكن الفصل بينها.
ونحن هنا نؤيد تضافرَ العلوم¡ وتلاقحَها معرفيًا¡ بما يسهم في جعل العلم أكثر تمددًا¡ وتطورًا¡ وانفتاحًا¡ وعلى عكس ذلك لا نؤيد الانحباس العلمي¡ أو التحجر المعرفي¡ والبقاء في دائرة مغلقة. ولهذا فإنه في مقال بعنوان (اللسانيات وتحليل الخطاب والبينية) يقول (مومار سيس) و(ممادو ديكايت): «إن تصنيف العلوم والتمييز بينها بشكل صارم عمل اعتباطي لا طائل من ورائه¡ فالتفاعل بين المعارف خصيصة مؤسسة لجميع مجالات المعرفة¡ وإنما نشأت كثير من العلوم بتلاقح بين علوم قديمة¡ كعلم الكيمياء الحيوية¡ والفيزياء الحيوية¡ والرياضيات الحيوية¡ والجراحة الاتصالية¡ وتخلصت الجغرافيا في العصر الحديث من البحث في المجال البشري إلى الانفتاح على جغرافيّة المجال. ولماّ لاحظ علماؤها التداخل الكبير بينها وبين علم طبقات الأرض أصبحوا يستنبطون منه مصطلحاتٍ حديثةً¡ وقوانينَ جديدةً¡ فظهرت لديهم: الجغرافيا البشرية¡ والتطبيقية¡ والتعليمية¡ والجذرية¡ والطبيعية¡ والكمية¡ وجغرافية التغذية¡ والحيوان¡ والسكان¡ والنبات..».
ويعتقد كثير من الباحثين راسخ الاعتقاد بأن مستقبل الدراسات الأدبية في العقود المقبلة سيكون لا محالة للمجالات المعرفية البينية¡ وفي تقديرنا أن الدراسات البينية هي التي تفتح الباب على التطور¡ وتغري الباحثين في تقديم الجديد¡ ولعل (الأدب) في انفتاحه على كثير من الحقول المعرفية الإنسانية دليل واضح على ذلك¡ بل إن انفتاحه على العلوم التطبيقية كالفيزياء - على سبيل المثال - دليل أقوى وآكد.




http://www.alriyadh.com/1780395]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]