المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العنصرية.. رذيلة تُقوّض الدول والمجتمعات



المراسل الإخباري
10-25-2019, 00:15
http://www.qatarat.com/
العنصرية من المبادئ الهدامة¡ فَبِها تتقوَّضُ الدول¡ وتتفكّك المجتمعات¡ ويسود التحارب والتنافر¡ ومن سلبياتها أنها ليست لها حدود وضوابط معقولةº ولهذا لما استشرت في الجاهلية ممارسةُ القبائلِ لها فيما بينها انتقلت عدوى ذلك داخل كُلِّ قبيلة¡ فَمَارسَ كُلُّ بطنٍ منها عصبيّةً ضد بني عمهم..
إذا كان المرء مُمتّعاً بعافيته الفطرية والدينية والخلقية ابتعد كثيراً عن العنصرية¡ ودعوى الفضلِ المطلقِ على الآخرين¡ وتسامى عن معاملة الناس بالازدراء والنظر إليهم نظرةً دونيةº وذلك لأن الفطرة السليمة والديانة ودماثة الأخلاق فضائلُ شريفةٌ تحجزُ عن المساوئ¡ وتحولُ بإذن الله دونَ الإصرار على القبائح¡ ولا شك أن العنصرية من قبائح الأعمال¡ ويكفيها سماجةً أن أَقْدَمَ من نُقِلَ إلينا أنه تعاطى شيئاً من جنسها هو إبليس عدو الله¡ حين أَبَى أن يسجد لأبينا آدم عليه السلام بدافع الاستكبار والتعالي¡ ولم يُخْفِ أن سبب الإباء هو تميُّزُ عنصرِهِ عن عنصرِ آدم حسب زعمه¡ (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِين) وفي موضعٍ آخر: (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ قَالَ لَمْ أَكُنْ لأِسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ)¡ ويمكن تعريف العنصرية بأنها: (القناعة بالفوقية المطلقة لفئةٍ من الناس على غيرهم بشكل لا يتوقَّفُ على المزايا المكتسبة).
وأشهر من تشرَّبها من الأمم اليهود¡ فادّعوا لأنفسهم ما يحلو لهم من المزايا بلا ضوابطَ شرعيةٍ ولا عرفيةٍ¡ وبلغت حِدَّةُ ازدرائهم لغيرهم إلى حدِّ أن قالوا: (لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ) أي: ليس عليهم حرجٌ في أخذ أموال العرب¡ زعموا أن الله قد أحلَّها لهم¡ واحتكروا دخول الجنة لأنفسهم¡ والابتعاد عن العنصرية من أهمِّ ما ينبغي أن يأخذ به المسلم نفسه¡ وأن يُربِّي عليه أولادهº لأمورٍ منها:
أولاً: أنها من الأفكار التي حاربها الإسلام¡ فمن القواعد التي قرّرها النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع أن التفاضل إنما يكون بالتقوى¡ فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله تعالى عنهما قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ خُطْبَةَ الْوَدَاعِ¡ فَقَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ¡ إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ¡ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ¡ أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ¡ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ¡ وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ¡ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ¡ إِلَّا بِالتَّقْوَى¡ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ¡ أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ¿ "¡ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ¡ قَالَ: " فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ.
وهكذا خاطب النبي صلى الله عليه وسلم هذه الجموع في موسم الحج الوحيد الذي جمعه بالصحابة¡ وقد أكمل الله الدين¡ وأتم النعمة¡ وشرع الأحكام¡ وفي الموسم أصناف من المسلمين¡ منهم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار¡ ومن يليهم في قِدَمِ الصحبة¡ ومنهم حديثو عهد بالإسلام ممن وافوا الموسم للاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم¡ فلا يركز –والحالة هذه- إلا على أهمِّ القضايا وأجدرها بالمعالجة¡ وكان نبذ العصبية من بينها.
ثانياً: أن العنصرية من المبادئ الهدامة¡ فَبِها تتقوَّضُ الدول¡ وتتفكّك المجتمعات¡ ويسود التحارب والتنافر¡ ومن سلبياتها أنها ليست لها حدود وضوابط معقولةº ولهذا لما استشرت في الجاهلية ممارسةُ القبائلِ لها فيما بينها انتقلت عدوى ذلك داخل كُلِّ قبيلة¡ فَمَارسَ كُلُّ بطنٍ منها عصبيّةً ضد بني عمهم¡ بل يحصل ذلك في بني الجدِّ الواحد¡ فكان بعضهم يحتقر بعض بني عمومته¡ ويتعالى عليهم¡ وقد قامت دولة الإسلام على نبذ هذه المبادئ¡ ومن فضل الله على المملكة العربية السعودية¡ أن قامت على معالجة هذه الظاهرة¡ وألَّفَ الله بها بين القلوب¡ وجَمَعَ بها بعد التّشرذم.
ثالثاً: أن العنصرية لا تنفكُّ عن الظُّلمِ والتعدِّي¡ وقد عُرِفتْ بعضُ الدول والمجتمعات عبر التاريخ بأنها حاضنة العنصرية¡ ومعلومٌ ما تسبّبَ عن ذلك من المظالم والتعديات¡ وما تشكّلَ من عبءٍ فادحِ الثِّقل على كاهل البشرية¡ فما تخلّصت منها إلا وهي منشرحة مستبشرة تستشعر أنها نَجَتْ من شرورٍ مستطيرةٍ¡ والغالبية الساحقة من هذه الأنظمة دولٌ كافرةٌ¡ ودولٌ مبتدعةٌ¡ وبحمد الله تعالى لم تكن الدول السُّنيةُ مبنيّةً على العنصرية¡ ولا محتضنةً لها.
وأخيراً: يجب التَّنبُهُ إلى أنه ليس من العنصرية حبُّ المرءِ لقومِهِ وتكريسُهُ جهودَهُ للنهوضِ بهم¡ وليس من العنصريةِ حُبُّ الإنسانِ لوطنِهِ وذودُهُ عن حياضِهِ بما تيسّرَ له¡ وتصدّيه لمن بغى عليه¡ ودفعه في نحور المترّبصين به من غيرِ تجاوزٍ لحدودِ مبدأ: (وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ)¡ فعن واثلة بن الأسقع رضي الله تعالى عنه قال: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - أَمِنَ العصبية أن يُحبّ الرجل قومه¿ قال: " لا¡ ولكن العصبية أن يُعينَ الرجلُ قومَهُ على الظُّلمِ"¡ أخرجه أحمد وغيره¡ حسّنَ إسنادَهُ بعض أهل العلم¡ وضعّفَهُ بعضُهُم.




http://www.alriyadh.com/1783830]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]