المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التربويون البيروقراطيون



المراسل الإخباري
10-29-2019, 21:15
http://www.qatarat.com/
عندما نملأ العام الدراسي بأولويات غير مهمة¡ كتكثيف المحتوى الدراسي وفرض مزيدٍ من الاختبارات¡ فلن يكون لدى أطفالنا وقت لتعلم المهارات واكتشاف العالم من حولهم أو اكتساب الصفات التي سيحتاجون إليها كأشخاص بالغين!
كثيراً ما يحب التربويون البيروقراطيون تعقيد النظام التعليمي بفرض أنظمة قديمة متكلّسة¡ وإجبار المجتمعات على طاعتهم واتباع قواعدهم¡ وقد نجحوا في ذلك كثيراً¡ ولكنهم فشلوا تماماً في خلق وتهيئة الظروف المناسبة نحو تعليم القرن الواحد والعشرين¡ وابتكارات الزمن المتسارع بثوراته التقنية¡ أو حتى بالقضاء على المحتوى التعليمي القديم أو بالأصح الأنموذج التعليمي السائد.
يرى كثير من أرباب التربية الحديثة أن ذلك كله يعود إلى الابتعاد الحقيقي عن الهدف الأساسي والأسمى للتعليم وهو أولاً: «تعليم الطلاب كيف يتعلمون¿»º كي يروا ويقدّروا جمال العالم المحيط بهم! وأن يستلهموه بتحقيق مزيد من بناء شخصياتهم مع الإنجازات في حياتهم وفي حياة البشرية كلها!
وبمثال بسيط نحو ذلك¡ عندما نملأ العام الدراسي بأولويات غير مهمة -من وجهة نظر مدرسة القرن الواحد والعشرين-¡ كتكثيف المحتوى الدراسي وفرض مزيدٍ من الاختبارات¡ فلن يكون لدى أطفالنا وقت لتعلم المهارات واكتشاف العالم من حولهم أو اكتساب الصفات التي سيحتاجون إليها كأشخاص بالغين!
وهذا يعود بنا إن كان اختيار النظم التعليمية حاسماً في ذلك¡ فإما أن نستمر في تدريب الأطفال ليكونوا بارعين في المهام الروتينية ذات المستوى المنخفض¡ وحفظ محتوى لن يتذكروه فيما بعد عن مواضيع لن يستخدموها مطلقاً سوى وضعها في ورقة بيضاء تسمى «الاختبارات».. وإما أن نتبنى في زمننا المتسارع وثورة المعرفة فيه حقيقة أن معظم ما تقوم المدرسة بتعليمه اليوم يمكن تحميله على «هاتف ذكي»¡ وهذا ما يوفر الوقت للأطفال ليخوضوا بأنفسهم تحديات مثل: معرفة الغرض من التعليم وهي لا شك أهم مهارة يمكن أن يتعلمها الطالب ويطورها¡ ولكن للأسف معظم مدارسنا تفعل العكس تماماً¡ فيقوم المعلم بناء على أوامر النظام التعليمي بتدريس المقرر المدرسي¡ وتحديد الواجبات المنزلية¡ ووضع الاختبارات¡ ويُقيّم الطالب بناءً على قدرته ذلك فقط!
وبالتالي وبناءً إلى الكم الهائل من الموارد المتاحة¡ يتبقى ويفترض أن يتعيّن علينا تعليم الطلاب كيف يكونون فعالين فـي «تـعلُّم كيفية التعلّم»¡ وكيف يحصلون على تعليم يؤهلهم للحياة المهنية والمواطنة الصالحة والتواصل بفاعلية كبيرة مع مهارات الحياة.
واجنر¡ وسميث صاحبا كتاب «إعداد طلاب عصر الابتكار.. تعليم قائم على المهارات لا المحاضرات» يريان أن الأطفال يحتاجون أيضاً إلى إجادة التحدث أمام الجمهور¡ وإنشاء الفيديوهات¡ وكتابة المدونات¡ واستخدام التواصل لتحقيق مجموعة من الأهداف¡ ومتابعة تطورات العصر¡ إضافةً إلى «التعاون والمشاركة» ويعدانها من المهارات الأساسية التي لا تهبط على الطلاب فجأة من السماء عند حصولهم على شهاداتهم¡ فكثير من المدارس الحديثة والمتميزة اليوم تعلم الطلاب تحمل المسؤولية عن طريق إنشاء مشروعات¡ وإشراك الطلاب مع بعضهم ومع المهتمين في نفس المجال حتى يتعرفوا على الآراء المختلفة¡ ويكون هناك تعاون مثمر ومشاركة فعالة في كل مشروع.
في المنعطف نفسه¡ تبرز مهارة «حل المشكلات»¡ وهي الأهم في حياة وشخصية فرد القرن الواحد وعشرين ومسيرته في سوق العمل تحديداً كسمةٍ مثالية مهم توافرها¡ تحتاج من تعليمنا تعليم أطفالنا وطلابنا¡ كيف يكونون مبتكرين ومبدعين في حل المشكلات¡ إلا أن المدارس لا تهتم بتنمية هذه المهارة¡ ففي نظم التعليم ومعظم المدارس¡ يكون الموقف السائد بين الطلاب هو: «فقط قل لي ما أحتاج أن أعرفه للحصول على الإجابة الصحيحة وتدوينها كما هو في شبح الاختبارات»¡ كي أتجاوز مرحلتي الدراسية!
مدارسنا اليوم عازفة ومبتعدة كليّاً عن التجارب الحياتية الحقيقية¡ فكل من الأطفال والمعلمين غير متحمسين لتجربة أي شيء جديد قد لا ينجح بسبب منظومة التعليم¡ فمثلاً المبادرة والقيادة أحد أهم الإسهامات التي تمكن الإنسان لإحداث تغييرات إيجابية في المؤسسات أو المجتمعات¡ والمدارس هي أكثر عالم مصغر يمكن أن يساعد الأطفال على تعلم كيفية القيام بعمل جاد لإحداث تغيير إيجابي¡ فهل من الصعب منح الطلاب فرصاً أكبر لتعلمهم تطبيقاً مهارة القيادة في مدارسهم ومجتمعهم¡ ودعمهم وتزويدهم بالإرشادات والموارد التي تساعدهم في تعلم كيفية إحداث التغيير بشكل مثمر¿!
وعلى الرغم من أننا نملأ الجداول الدراسية بالمناهج لتعليم أطفالنا¡ فإن فرصهم قليلة أيضاً فيما يتعلق بالتخطيط¡ تحقيق الأهداف¡ اتخاذ القرارات الخاصة¡ التحلي بالمثابرة والتصميم وتنمية نقاط القوة لديهم¡ وللأسف الأنظمة التعليمية تعتقد وتعتبر أنهم يتعلمون كيفية ذلك تلقائياً¡ ولكن كيف يمكنهم أن يجيدوا شيئاً لم يمارسوه أبداً¿!
ختاماً¡ إن أهم درس يمكن أن ننقله إلى أطفالنا وطلابنا وشبابنا اليوم هو أن يمكّنهم تعليمنا بالمهارات الحياتية من خلال بناء شخصياتهم ومواهبهم كي يجعلوا من عالمهم مكاناً أفضل بالشكل الذي يحددونه هم لا التربويون البيروقراطيون.




http://www.alriyadh.com/1784759]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]