المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تأبّطَ شجنًا!



المراسل الإخباري
12-01-2019, 01:45
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png هذا العصفور الذي يجيد الغناء بكاءً تمامًا كما يجيد البكاء غناءً¡ هل ترك لنا يومًا مساحة للتأمل في تغريده¡ دون أن نحمّله ما نحن عليه من شجن إن كان بكاء فبكاء¡ وإن كان غناء فغناء!.. ليس تمامًا¡ فعلى الرغم من أن صوت الطيور ارتبط بالبكاء أو النواح كأسطورة.. استنادًا لحكاية فرخ اليمام الذي اختطفه طير جارح منذ عهد سيدنا آدم فبكته اليمامات إلى أن تقوم الساعة كما تقول الأسطورة.. إلا أننا استعذبنا دائمًا تغريده غناء حدّ حبسه في قفص من أجل التغريد.. وليتنا حينها تساءلنا: هل هذا التغريد غناء حقًا¿ وهل يغني محبوسًا آيلاً للحزن والبكاء دائمًا..!¿
لا بأس¡ فمن شجن العصافير إلى تباريح المكانº حيث احتفال الشعر العربي الكامل بالمكان أو الأثر أو بما يعرف بالطلل كواحد من أهم العومل المثيرة للشجن واستحضار الذكريات¡ وهو وإن كان في ظاهره احتفالًا متوارثًا على اعتبار أن ذكر الأطلال والبكاء عليها ظل ركنًا أساسيًا من أركان بناء القصيدة العربية القديمة¡ فاختلط فيه بالتالي الباكي والمتباكي¡ والسابق باللاحق¡ حتى صار الأمر برمته في النهاية مثارًا للتندر والسخرية كما ورد على لسان الشاعر العباسي أبو نُواس حين قال:
قل لمن يبكي على رسم درسْ
واقفًا ما ضرَّ لو كان جلسْ
إلا أنه في كنهه الحقيقي ظل انعكاسًا لطبيعة الحياة البدوية القائمة على التنقل والترحال بحثًا عن أرض يزورها المطر¡ فتنبت الكلأ اللازم لتلك الحياة¡ ولم يكن بذلك ترفًا أو إرثًا¡ بدليل وجود شاعر مثل ذي الرمة في العصر الأموي حين احتجب تمامًا وراء أطلال مية يداعبها ويلاعبها ويشكو لها فراق أحبابه¡ في الوقت الذي انشغل فيه الناس (بفضائح) جرير والفرزدق رغم شاعريته العذبة وأسلوبه الشجي.. وهو نموذج حي لتواصل هذا الشجن متى ما فرضته طبيعة الحياة المعاشة بغض النظر عن كونه إرثًا أو عادة أو ركن بناء لقصيدةٍ...
والحقيقة أن المتأمل لهذا الشجن العذب من النواحي النفسية البحتة يجد فيه ما يجد من دواعيه¡ فالمكان صورة فوتوغرافية سائلة تغلف كتاب الذكريات¡ وكم من مكان أو بلدةٍ ارتبطت بشعرائها¡ ولعل (جيكور) السياب خير شاهد على ذلك.
وطالما أسهبنا في الحديث عن الطلل كمؤثر للشجن¡ فإن هذا يجرنا إلى الخوض في مؤثرات أخرى لم تلتفت إليها الدراسات الأدبيةº حيث تبرز (الرائحة) كمثير للشجن ومستحضر للتداعيات¡ كرائحة الأرض المبتلة بالمطر أو رائحة (عطر) معين¡ فكل ذلك من شأنه استحضار أحداث ومواقف وجدانية ارتبطت بهذه الرائحة أو تلك.. ومن كل ذلك يتجلى لنا موضوع مثيرات الشجن كواحد من المباحث الأدبية التي بالإمكان من خلالها استكشاف ذواتنا...




http://www.alriyadh.com/1790513]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]