المراسل الإخباري
02-01-2020, 18:53
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png الصورة النمطية التي تعشش في رؤوسنا عن المنتحرين هي فقدهم للإيمان بالله. في الغالب نتصور أن الفاقة المادية هي الدافع للتخلص من أعباء الحياة والخلاص النهائي منها. حسنًا هذا ليس حال الكاتب المصري رجاء عليش¡ الذي كان مرتاحاً مادياً¡ فقد وُجد منتحراً بطلقة نار في سيارته قبالة شقتين كان يملكهما. في أواخر السبعينات كانت تلك علامة من علامات الرّخاء المادي¡ وهذا يعني أن الرّجل كانت لديه معاناة أخرى¡ اختصرها في رسالته الأخيرة التي تركها قبل أن يضع حداً لحياته: "عشت هذه السنين الطويلة وأنا أحلم بالانتقام من أفراد المجتمع الذين أفلحوا في جعلي أكفر بكل شيء"¡ يقصد من دون شك انتقاد شكله والمبالغة في وصف قبحه¡ ما جعله يعيش وحيداً¡ مرفوضاً من النساء اللواتي تقدم لخطبتهن¡ وقد كتب بالتفصيل في الكتابين اللذين تركهما حكاية معاناته¡ لكن النقاد تعاطوا مع نصوصه بطريقة لا ترقى للنقد واصفين أدبه بتأليف في قبحه. ومع أن الصورة الوحيدة المتداولة له عبر الإنترنت تحمل ملامح رجل عربي عادي¡ إلاّ أن القبح أُلصق به كصفة لازمته.
كان الرّجل مرهف المشاعر¡ رقيق القلب¡ لكن سيئ الحظ إذ خانته الجغرافيا ليلتقي بامرأة تحبه كتلك الفرنسية التي أحبت عميد الأدب العربي طه حسين.
لم تفاجئه الحياة بجميلة كالتي تعلّق قلبها بالوحش مثل قصة الجميلة والوحش¡ ولا براقصة حنونة مثل التي تعاطفت مع أحدب نوتردام¡ عاش حكاية مغايرة لتلك التي كتبها فيكتور هيغو عن جماليات القبح¡ حين توغّل بمخيلته في إشكاليات الجمال المؤدية لتكوين الصورة التي يصنعها الآخرون لنا حتى تصبح الأقرب لذواتنا من تلك التي نرى بها أنفسنا.
في مفهوم الجمال المشبع بثقافتنا نكاد نحصره فقط في المرأة التي وضعت بإصرار غريب في قوالب محدودة¡ ما جعلها تصبح ضحية جسدها على مر العصور¡ لكن الرجل لم يُزَجّ به في هذه البوتقة¡ إلا فيما ندر¡ كتلك الحكايات التي رويت عن شعراء مثل "ذو الرّمة" أو "الجاحظ" أو غيرهما.. والتي لا تتخطّى باب الفكاهة والتنكيت فلا نذهب في قراءتها إلى أبعد من ذلك.
لكن قد تخطر لبعضنا بشاعة تشارلز بوكوفسكي على سبيل المثال¡ مثلما خطر ببالي الآن¡ كرجل دميم الخلقة¡ مدمن كحول¡ عانى من الفقر والعوز¡ ومع هذا تزوج عدة مرات¡ ومارس أعمالاً كثيرة من غاسل للصحون إلى سائق شاحنة¡ إلى موظف مصعد في فندق¡ إلى عامل بسيط في ملحمة إلى ساعي بريد¡ لم يقف قبحه عقبة بينه وبين الحياة¡ ظلّ يكتب ويلقي الشعر بجنونه حيثما تقوده قدماه. ولم يأبه بأحد حتى بالنساء الجميلات اللواتي كن يتقززن منه في وجهه.
بين عليش وبوكوفسكي اختلاف ثقافي بسيط وخطير في الوقت نفسه¡ فالأول يرى نفسه بعيون مجتمعه¡ والثاني يراها بعينيه.
http://www.alriyadh.com/1801904]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]
كان الرّجل مرهف المشاعر¡ رقيق القلب¡ لكن سيئ الحظ إذ خانته الجغرافيا ليلتقي بامرأة تحبه كتلك الفرنسية التي أحبت عميد الأدب العربي طه حسين.
لم تفاجئه الحياة بجميلة كالتي تعلّق قلبها بالوحش مثل قصة الجميلة والوحش¡ ولا براقصة حنونة مثل التي تعاطفت مع أحدب نوتردام¡ عاش حكاية مغايرة لتلك التي كتبها فيكتور هيغو عن جماليات القبح¡ حين توغّل بمخيلته في إشكاليات الجمال المؤدية لتكوين الصورة التي يصنعها الآخرون لنا حتى تصبح الأقرب لذواتنا من تلك التي نرى بها أنفسنا.
في مفهوم الجمال المشبع بثقافتنا نكاد نحصره فقط في المرأة التي وضعت بإصرار غريب في قوالب محدودة¡ ما جعلها تصبح ضحية جسدها على مر العصور¡ لكن الرجل لم يُزَجّ به في هذه البوتقة¡ إلا فيما ندر¡ كتلك الحكايات التي رويت عن شعراء مثل "ذو الرّمة" أو "الجاحظ" أو غيرهما.. والتي لا تتخطّى باب الفكاهة والتنكيت فلا نذهب في قراءتها إلى أبعد من ذلك.
لكن قد تخطر لبعضنا بشاعة تشارلز بوكوفسكي على سبيل المثال¡ مثلما خطر ببالي الآن¡ كرجل دميم الخلقة¡ مدمن كحول¡ عانى من الفقر والعوز¡ ومع هذا تزوج عدة مرات¡ ومارس أعمالاً كثيرة من غاسل للصحون إلى سائق شاحنة¡ إلى موظف مصعد في فندق¡ إلى عامل بسيط في ملحمة إلى ساعي بريد¡ لم يقف قبحه عقبة بينه وبين الحياة¡ ظلّ يكتب ويلقي الشعر بجنونه حيثما تقوده قدماه. ولم يأبه بأحد حتى بالنساء الجميلات اللواتي كن يتقززن منه في وجهه.
بين عليش وبوكوفسكي اختلاف ثقافي بسيط وخطير في الوقت نفسه¡ فالأول يرى نفسه بعيون مجتمعه¡ والثاني يراها بعينيه.
http://www.alriyadh.com/1801904]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]