المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حالة المنطقة الاستراتيجية استعداداً لمرحلة ما بعد أوروبا المنقسمة



المراسل الإخباري
02-10-2020, 16:36
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
النتائج المحتمل حدوثها توحي بأن مرحلة من التوتر قد تتضاعف بين إيران والدول الأوروبية¡ ولكن هذا يتطلب أن تبدأ مرحلة جديدة من التطبيع الأكثر وضوحاً بين العالم العربي والاتحاد الأوروبي عبر إعادة الاهتمام بأوروبا لا تشمل بريطانيا..
عندما نجحت بريطانيا في الخروج من الاتحاد الأوروبي لم يكن ذلك شأن يخص أوروبا وحدها¡ بل هناك تأثيرات كبرى تصنع وبجدية حالة منطقتنا العربية استراتيجيا¡ وهي المنطقة التي تعج بالأزمات التي أصبحت تتوالد وفق متوالية هندسية¡ بمعنى أن كل مشكلة في منطقتنا تضاف إلى مشكلتين وأربع وثمانٍ¡ وهكذا بطريقة متوالية¡ ويبقى السؤال حول الكيفية التي سوف تتشكل بها المنطقة فيما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي¡ ومدى الاختراق الأميركي للقرار الأوروبي بعد استفراد أميركا واستحواذها بشكل شبه مؤكد على أول غنائم الاتحاد الأوروبي المنقسمة عليه بريطانيا.
الحالة الإيرانية وعلاقاتها المحتملة مع أوروبا في مرحلة ما بعد "البريكست" تتعرض بشكل أساسي إلى تحولات مهمة¡ فسياسات أوروبا مع الملف النووي كانت تتماهى بشكل دقيق مع وجهة النظر الأميركية أيام الرئيس السابق أوباما¡ حيث كانت أميركا وأوروبا تتشاركان نفس الرؤية القائمة على أنه يمكن الفصل بين الملف النووي الإيراني والملفات الإقليمية الأخرى¡ وقد عملت إيران قبل الرئيس ترمب على أن ترسخ هذه النظرية حول الفصل بين ملفات المنطقة واتفاقها النووي مع أميركا¡ واستغلت إيران الوصول للاتفاق من أجل ترسيخ دورها الإقليمي وحاولت سياسيا واستراتيجيا انتزاع اعتراف غربي مباشر بهذا الدور بهدف إقناع العالم بخصوصية ملفات المنطقة وفصلها عن الاتفاق النووي.
بعد وصول الرئيس ترمب إلى البيت الأبيض طرأ تغير ملحوظ وأصبح المسار السياسي السابق يضيق فيما يخص الفصل بين اتفاق إيران النووي والقضايا الإقليمية¡ وبدأت فعليا أوروبا مرحلة التفاوض مع إيران حول ملفاتها الإقليمية الأخرى ومنها بالتأكيد الصواريخ الباليستية¡ وأبدت إيران موقفا رافضا لهذا الاتجاه¡ وهنا بدأت الصورة تتجه إلى تقارب يصعب إخفاؤه بين السياسات الأميركية والسياسات الأوروبية وتشكلت كتلة ضغط كبرى توجت بتلك المواقف التي اتخذتها أميركا بإلغاء الاتفاق النووي مع إيران وصولا إلى مسح كامل لقائد فيلق القدس - سليماني - من خارطة النظام الإيراني.
بدأت ملامح المرحلة تتصاعد ودخل الصوت البريطاني من جديد إلى المسار الدولي وتحدث رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في منتصف الشهر الماضي بتأكيد مختلف عندما قال حرفيا: "إذا كنا سنتخلص منه (أي الاتفاق النووي) فلنجد بديلاً له وليحل اتفاق ترمب محله¡ وعلينا عدم السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي"¡ وبدا واضحا أن أوروبا تنقسم تدريجيا وتوج هذا الانقسام بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وانضمامها بشكل استراتيجي سريع إلى الخط الأميركي¡ ولعل تلويح الوفد البريطاني بالأعلام البريطانية تحت قبة الاتحاد الأوروبي في آخر ظهور للبريطانيين شكل رسالة مهمة للتنبؤ بحالة منطقتنا ومدى استعدادها لأوروبا جديدة بلا بريطانيا.
التحولات القادمة للسياسات الأوروبية تجاه المنطقة لا يمكن التنبؤ بها فقد يتم استخدام المنطقة وقضاياها مسرحا للاقتصاص بين أوروبا من جهة وبين أميركا وحلفيتها القديمة - الجديدة بريطانيا¡ الاعتقاد أن أوروبا سوف تتلقى الصفعة البريطانية بالخروج عن دائرتها بصدر رحب هذا أمر غير دقيق¡ كما أن الموقف الأوروبي أصبح قابلا لتحولات قد تكون إيجابية على المنطقة أو العكس¡ أكثر ما يهدد أزمات المنطقة العربية أن يمارس الرئيس ترمب التصوير الدائم مع رئيس الوزراء البريطاني عند كل حديث عن منطقتنا¡ وخاصة إذا ما أعيد انتخاب ترمب من جديد وهي قضية محتملة.
"نعم فعلناها" هكذا عنونت صحيفة "ديلي إكسبرس" البريطانية المحتفية بالخروج من الاتحاد الأوروبي الذي تقول المؤشرات إنه لن يفقد قوته¡ بل سيساهم في إعادة القراءة للكثير من القضايا الخاصة بمنطقتنا العربية مما قد يؤثر مباشرة في النظام العالمي الجديد¡ ويسهم في بناء التحالفات الاستراتيجية¡ وهي الفرصة الأكثر سنوحا لمنطقتنا العربية¡ أن تتمسك بعودة توازن القوى لحفظ المنطقة من انهيارات سياسية قد تبتلع قضاياها الرئيسة¡ وهذا هو الأمل الأكثر وضوحا لإبعاد المنطقة عن قرارات تفرض بشكل قوي ومباشر على قضايانا الرئيسة.
النتائج المحتمل حدوثها توحي بأن مرحلة من التوتر قد تتضاعف بين إيران والدول الأوروبية¡ ولكن هذا يتطلب أن تبدأ مرحلة جديدة من التطبيع الأكثر وضوحا بين العالم العربي والاتحاد الأوروبي عبر إعادة الاهتمام بأوروبا لا تشمل بريطانيا¡ بالإضافة إلى الاستثمار وتعزيز دور أوروبا في الانخراط بمشكلات المنطقة وترقية اهتمام الأوروبيين من التركيز على قضايا فرعية تخص الأبعاد الإنسانية أو الثقافية إلى الانخراط الفعلي في أزمات المنطقة السياسية فقد تنجح المنطقة في استخلاص مبادرات أوروبية لحل قضايا المنطقة¡ وخاصة مع توفر توازنات فعلية لدى بعض دول أوروبا ذات العضوية بمجلس الأمن.




http://www.alriyadh.com/1803671]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]