المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رَبِّي



المراسل الإخباري
05-11-2020, 04:40
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png رَبِّي.. الذي هو ربُّ كلِّ شيء¡ وخالقه¡ والقادر عليهº فلا يخرج شيء عن ربوبيته¡ وكلُّ مَنْ في السموات والأرض عبدٌ له في قبضته¡ وتحت قهره.
رَبِّي.. الذي ربَّى جميع المخلوقات بنعمه¡ وأمدَّها بما تحتاج إليه¡ وأعطى كلَّ مخلوق ما يليق به¡ ثم هداه لما خُلق له.
رَبِّي.. الذي إذا نطقت بهذا النداء الفطريº جال في فكرك وذهنك ما شاء الله من صفات الجلال والكمال¡ فأنت تنادي بهذا اللفظ "رَبِّي": القادر الخالق¡ والبارئ المصوِّر¡ والحي القيوم¡ والعليم الحكيم¡ والسميع البصير¡ والمحسن الجواد¡ والمعطي المانع¡ والضار النافع¡ والمقدِّم المؤخر¡ الذي يُضلّ من يشاء ويهدي من يشاء¡ ويُسعد من يشاء ويشقي من يشاء¡ ويعزُّ من يشاء ويذل من يشاء.. إلى غير ذلك من المعاني الكثيرة الواسعة التي تدخل تحت مقتضى ربوبيته سبحانه.
رَبِّي.. استوى على عرشه¡ وتفرَّد بتدبير ملكه¡ وأمره نافذ في خلقه¡ فالتدبير كلُّه بيديه¡ ومصير الأمور كلِّها إليه¡ ومراسيم التدبيرات نازلة من عندهº بالإحياء والإماتة¡ والعطاء والمنع¡ والقبض والبسط¡ وكشف الكروب وإغاثة الملهوفين¡ وإجابة المضطرين: (يسئله من في السموات والأرض كل يوم هو في شأن). فلا عجب إذاًº وقد احتوى هذا الاسم الكريم (الربّ) على كل هذه المعاني¡ واقتضى كلَّ هذه التصرفاتº أن يكون عزيزاً في قلوب أنبيائه ورسله¡ فيدعون به في كثير من المهمات والملمات فهذان أبوانا عليهما السلام يدعوان: (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننَّ من الخاسرين) وهذا إبراهيم عليه السلام يدعو:(ربَّنا اغفر لي ولوالديَّ وللمؤمنين يوم يقوم الحساب) وهذا موسى عليه السلام يدعو:(ربِّ إني لما أنزلت إليَّ من خير فقير) ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول له ربُّه: (وقل ربِّ أعوذ بك من همزات الشياطين) وعباد الرحمن يقولون: (ربَّنا هبْ لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين).
ولك أن تعرف: أن غالب أدعية القرآن الكريم بهذا النداء الفطري: (ربِّ¡ ربنا)¡ ومع ذلك¡ فله - سبحانه - الأسماء الحسنى¡ فلك أن تدعو الله عز وجل بكل اسم كريم سمَّى به نفسهº خاصة إذا كان يناسب المطلوب¡ فتقول: يا غفور اغفر لي¡ يا رزَّاق ارزقني.. وهكذا.
والدعاء عبادة عظيمة¡ فأنت حينما تدعو¡ فإنك تتعبَّد الله عز وجل بهذه الحال¡ وفي هذا المقامº كأنك تصلي¡ أو كأنك تصوم¡ فالأجر متوفر¡ وهو يزداد كلما أكثرت من دعاء ربك¡ وإن تحقق المطلوب فنور على نور.
والدعاء يعني: أنك محسن الظنَّ بربِّك¡ ولن يضيع من أحسن الظن بربه¡ وفي الحديث القدسي عنه صلى الله عليه وسلم: (أنا عند ظنِّ عبدي بي) . والدعاء يعني: أنك أحسنت اختيار الباب الذي تطرقº فأنت قصدت: "الصمد" الذي يُعْمد إليه ويقصد في جميع الحوائج¡ وهو المفزع في حال الكُرَب والشدائد. وقصدت أيضاً: "الواسع" الذي له المشرق والمغرب¡ وله ميراث السموات والأرض¡ فهو - سبحانه - واسع العطاء¡ واسع الغنى¡ واسع الفضل. وقصدت كذلك: "الُمقيت" الذي خلق الأقوات¡ وتكفل بإيصالها إلى كل المخلوقات¡ وكما أنه - سبحانه - المقيت للأبدان¡ فإنه - أيضاً - مقيت القلوب بالمعرفة والإيمان.
وها نحن - الآن - على ضفاف العشر الأخير من رمضان¡ الذي لياليه أفضل ليالي العام كله¡ والتي يكون فيها من الصلاة والقيام ما لا يكون في غيرهاº فحريٌّ بالمسلم والمسلمة أن ينزل حوائجه بربه¡ وليس ذلك فحسب¡ بل أن يُلحَّ على ربه في دعواته¡ فإن الله تعالى يحب الملحين في الدعاء¡ وكلما أكثرت من دعاء ربِّك¡ فأنت تتقرب من ربك أكثر¡ وتعلو عنده درجات ومنزلة.
الأكيد أنك لن تنسى نفسك بأن يصلح الله أحوالك¡ ويوسع عليك معاشك¡ ويغفر لك ويرضى عنك¡ ولن تنسى والديك بأن يعينك على برهما أحياء وأمواتا¡ وأن تدعو لهما بالدرجات العلى في الجنة. أيضاً: لا تنس وطنك بأن يديم عليه أمنه وإيمانه واستقراره ورخاءه¡ وبأن يديم علينا هذه الألفة والتماسك حول ولاة أمرنا ويزيدها قوة وثباتا. ولا تنس أيضاً أن تدعو لرجال الأمن وجنودنا المرابطين¡ فهم على عمل جليل¡ وهم - بعد الله - سبب رئيس في أن نعبد الله براحة وطمأنينة¡ وبأن نمارس حياتنا في أمن وأمان. ولا تنس كذلك أن تدعو لولاة الأمر - أيدهم الله - فهم يتحملون ويواجهون ما لا يتحمل ويواجه غيرهم¡ قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: "إني لأدعو لولي الأمر بالتسديد والتوفيق في الليل والنهار¡ والتأييد¡ وأرى ذلك واجباً علي" أخرجه الخلال في السنة.
ادع الله للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات¡ ادع الله للبشر أجمعين بأن يعزِّز فيهم قيم الحق والخير والعدل وينشر السلام والأمان بينهم. وباب الدعاء واسع¡ والربِّ سبحانه أوسع من حاجات البشر كلها¡ فيد الله ملأى لا يغيظها نفقة.
يا ربِّ قد عودتُ نفسي عادة
ألا أكون لمن سواك سؤولا




http://www.alriyadh.com/1820507]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]