المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حبة القمح.. على كف آدم!



المراسل الإخباري
05-12-2020, 18:57
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
لم يعد أمامنا سوى سرعة اتخاذ القرار في تنفيذ التوسع في الزراعة القمحية¡ وهذا يعنى جهداً كبيراً على الدولة¡ لما يتطلبه الأمر من بنية تحتية تصب في هذا الهدف¡ من طرق وكهرباء وحفر آبار ومحطات معالجة¡ وأيدٍ عاملة¡ فالأمر جدّ ليس باليسير¡ لكنه حضارة وصناعة واستقرار..
إن التاليات لا تلغي السابقات¡ وتلك بحتمية التتابع الإجرائي وأيضا الفلسفي¡ فعندما نرى أن حدوث هذا الأمر الجلل (وباء كوفيد - 19) قد زلزل العالم بل جعله ينيخ رحاله على أرض رطبة تغوض إلى القاع كلما ثقل وزنه¡ فنرى تعدد الزوايا المصائبية والنكائبية أجارنا الله وإياكم منها.
وذلك ما نراه من تبعات تلحق بالأمم فلم يعد الأمر يتعلق بالصحة والعلة والاعتلال والموت والحياة¡ بل تعدى ذلك إلى مناحٍ عدة ومنها اقتصاد الدول الذي هو سر بقائها!
وتابعنا منذ أيام ما تتفجر به الأخبار عن هبوط أسعار الطاقة وسوقها العالمي¡ وكيف أثرت هذه الأخبار على أسواق البورصات العالمية¡ وبذلك أصبح تأثير "كوفيد" على الصحة في الدرجة الثانية إن صح التعبير!
وقد يكون لـ"كوفيد - 19" محامد تساوي مساوئه وقد تفوق¡ وليس كما تناولته وسائل التواصل الاجتماعي من نتائج عقائدية واجتماعة ومراجعة النفس وما إلى ذلك¡ فكل ذلك هي مداعبات وجدانية تهون على النفس من وقع الأزمة¡ ولكن الأثر الأهم هو كيف يكون لزاما علينا أولا: بتثوير الأرض لتخرج لنا من أكمامها ذهبا وخبزا ولبنا¡ وذلك هو ديدن أرضنا فنحن شعوب زراعية نعشق الأرض والمطر.
إن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - في رؤيته "3020" كانت ترزح هنا وتصب في هذا الإناء قبل أن يظهر لنا كوفيد وغيره من الابتلاءات! وهي نظرة استشرافية من سموه بحيث ألا تكون الطاقة هي المعَوِّل الرئيس لاقتصاد هذا البلد الكبير.
وحقيقة الأمر أن تلك الرؤية الاستشرافية كانت متعددة الأوجه والمدارات والمناهل والمقاصد¡ لكننا نرى أنه قد حصحص الحق لإخراجها عاجلا غير آجل¡ لأن الزراعة هي الوجه الأول والذي يجب علينا نحن الأفراد ورجال الأعمال والدولة والمؤسسات أن نجعل نصب أعيننا الزراعة وتطويرها بكل أساليب الكتنولوجيا الحديثة في بلد هو في مقدمة الدول الكبرى الطامحة للتربع على القمة¡ ليس بالنفط كما يقال وأحيانا نهان بأننا أبناء الحضارة النفطية من قبل جهلاء لا يعلمون أن منبت الحضارة والزراعة كانت في الجزيرة العربية لأن حبة القمح هي بذرة الحياة وهي عيش الوجود في كل الحضارات. وفي ذلك سنستدعي حديثا من كتاب الإمام أبي الفداء إسماعيل بن كثير حول انطلاق الزراعة من هذه الأرض ومن هذه البقعة منها انطلقت حضارة الزراعة¡ إن جاز لنا التعبير¡ إذا ما سلَّمنا بأن آدم عليه السلام قد عاش بهذه الأرض وبنى البيت¡ هو أول من زرع وعمل بالزراعة¡ فيقول ابن كثير: "إن أول طعام أكله آدم في الأرض أن جاءه جبريل بسبع حبات من الحنطة فقال: ما هذا¿ قال له: هذا من الشجرة التي نهيت عنها فأكلت منها فقال: ماذا أصنع بهذا¿ فقال أُبذره في الأرض فبذره¡ وكان كل حبة زنتها من مئة ألف¡ فنبتت فحصده ثم درسه ثم ذراه ثم طحنه ثم عجنه ثم خبزه فأكله بعد جهد عظيم وتعب وكد".
وتستنتج من هذا أن كل بني البشر في كل مشارق الأرض ومغاربها يجتمعون على أكل الحنطة "القمح" ويختلفون في تناول ما بقي من نبت الأرض¡ ولعل هذا الاستنتاج يؤكد لنا ما أورده ابن كثير في كتابه البداية والنهاية! هو دليل مهم على قيمة النفط الأصفر ذي الجدائل الذهبية الفاتنة والباعثة على رغد العيش والاستقرار¡ وهي موحدة قلوب العالم أجمع ضد هزائم كوفيد.
لم يعد أمامنا سوى سرعة اتخاذ القرار في تنفيذ التوسع في الزراعة القمحية¡ وهذا يعنى جهدا كبيرا على الدولة¡ لما يتطلبه الأمر من بنية تحتية تصب جميعا في هذا الهدف¡ من طرق وكهرباء وحفر آبار ومحطات معالجة¡ وأيدٍ عاملة¡ فالأمر جدّ ليس باليسير لكنه حضارة وصناعة واستقرار يفوق كل المشروعات على الخارطة التنويرية والعملية وليكن شعارنا (تثوير الأرض).
إن بلادنا - ولله الحمد - قد سبق وأن حققت الاكتفاء الذاتي من القمح¡ وأن المشروعات الزراعية كانت على رأس اهتمام الدولة¡ ولكن الأمر في هذه الآونة يتطلب من كل فرد سواء كانوا أفرادا أو مؤسسات الالتفات والتكاتف¡ فالجائحة كاشفة واقتصاد الدول يتحرك ويتبدل¡ لكن من كان وعاؤه في بيته مكفولا بغذاء يومه فهو الفائز إذن.
لم يكن تناولنا لهذا الأمر من هذه الزاوية سوى تداعٍ حر جراء الأزمات الاقتصادية العالمية¡ خاصة بعدما قضى أحد المذيعين وقتا ليس باليسير في إحدى حلقاته بإحدى القنوات الكبرى وهو يصرخ بأعلى صوته بأن التقشف قد وجب¡ وأن المجاعات ستطرق الأبواب وأن الأيام القادمة ستشهد يدا مغلولة إلى عنقها! وهنا تساءلت أين نحن من تثوير الأرض بسواعد وأموال قد تكون الأغنى والأقوى في العالم¡ نحن لسنا بنفطيين ولا فضائيين¡ نحن أبناء الفأس والمِعْوَل منذ أن خلقت الأرض ومنذ أن قذف آدم بحبة قمحه في جوف أرضها.
لم يكن صراخ ذلك المذيع سوى شهقة حياة للانتباه والاستعداد لما هو قادم¡ ودولتنا أهل لها - بإذن الله - بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان¡ وولي عهده "حفظهما الله".




http://www.alriyadh.com/1820696]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]