المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : براءات الاختراع والمجتمع الصناعي



المراسل الإخباري
06-06-2020, 03:26
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
إن هذه البراءات مجرد اجتهادات شخصية لا يربط بينها نسق علمي ولا عملي اقتصادي¡ ومن ثم لا يظهر تأثيرها واضحًا خارج «سمعة الجامعة»¡ أما الفائدة الحقيقية فهي محدودة جدًا¡ ومن ثم فنحن أمام مشكلة جديدة تتركز في أسباب عدم وجود أنساق البحث العلمي والعملي البعيدة المدى ذات التأثير في مستقبل الوطن واقتصاده..
عندما صدرت قائمة أول 100 جامعة حول العالم في براءات الاختراع أخيرًا¡ واحتلال جامعة الملك فهد للبترول والمعادن المركز الرابع في براءات الاختراع¡ ودخول جامعتي الملك سعود والملك عبدالعزيز ضمن القائمة - تساءل البعض عن جدوى هذه البراءات وأهميتها بالنسبة للاقتصاد الوطني¡ فهم لا يرونها تسهم في بناء صناعة وطنية لها خصوصية¡ ولا يرون لها عائدًا ماليًا على الاقتصاد¡ وكل ما هنالك هو دخول جامعتنا في هذا السباق دون أي فائدة حقيقية. التساؤل مشروع¡ بل يجب أن يقودنا إلى تشخيص الوضع الاقتصادي لدينا وسكون الشركات المصنعة التي يهمها أن تستورد الأفكار لا أن توطنها¡ وهذا مؤشر مهم يفترض أن يجعلنا نعيد حساباتنا كليًا. ربما يكون الأمر الإيجابي في الإعلان الأخير هو أن الجامعات السعودية بدأت في ممارسة دورها البحثي والعلمي في ابتكار حلول تسهم في تطور الحضارة الإنسانية¡ وهذه الممارسة في حد ذاتها يجب أن يشار إليها بالبنان¡ وأن تكون هي الهدف الأهم في الفترة المقبلة.
أذكر أنه في مطلع القرن الحالي كان هناك حديث حول تحديد ماذا تريد المملكة أن تكون عليه خلال ثلاثين سنة¡ طبعًا هذا قبل رؤية 2030¡ وكان هذ مجرد حديث بين المهتمين من أكاديميين واقتصاديين ومثقفين¡ وكان الهدف هو تحديد بشكل دقيق هدفنا في السنوات المقبلة حتى نوجه التعليم والبحث العلمي لخدمة هذا الهدف. ولم يتم تحديد هدف أو أهداف نسير وفقها حتى تم وضع الرؤية الوطنية¡ لكن التعليم الجامعي في تلك الفترة كان يتململ¡ وكان يريد أن يخرج من دائرة السكون التي وقع فيها¡ وبعد تأسيس الجامعات الجديدة أصبح الأمر شاسعًا¡ ويتطلب وضع استراتيجية وطنية دقيقة لتطوير منتجات التعليم وربطها بسوق العمل¡ خصوصًا جانب التصنيع والخدمات¡ وتطوير الخبرات الوطنية في المجالات الخاصة التي تمس مستقبلنا ووجودنا¡ والتي يمكن أن تقود البلاد إلى الرفاه الاقتصادي بعيدًا عن الاعتماد على النفط.
كل هذه الأحلام لم تتبلور على شكل برنامج عمل يمكن السير وفقه¡ وظل سؤال: ماذا نريد أن نكون¿ معلقًا¡ فهل نحن بلد يهتم بالصناعة¡ أو نحن بلد يعمل على أن يكون قبلة سياحية¡ أو أن نكون مركزًا للخدمات بين الشرق والغرب¡ خصوصًا أن موقعنا الجغرافي يشجع على هذا الدور¡ أو نكون كل ما سبق¿ هذه التساؤلات ظلت كما هي¡ وظل التعليم يدور في فلكه التقليدي ولم يتطور ليواكب الأفكار الجديدة إلا ما ندر. بقاء التعليم الجامعي في قوقعته لم يشجع على بناء كوادر وطنية عميقة في تخصصها¡ بل إن الخبرات التي نراها مبنية على مجهودات فردية¡ ولا أريد أن أكون ظالمًا هنا للجامعة السعودية¡ لكن في الوقت نفسه يفترض أن نتحدث بصراحة إذا ما أردنا أن نُحدِث تغييرًا حقيقيًا في التعليم لدينا.
سوف يثير البعض سؤالًا جوهريًا هو: كيف أصبحت لدينا جامعات لديها براءات اختراع وضمن قائمة المئة جامعة على مستوى العالم¿ هذا هو المحير¡ بالنسبة لي ما زلت لا أرى تأثير براءات الاختراع في تطوير التعليم أو في الاقتصاد الوطني.
إن هذه البراءات مجرد اجتهادات شخصية لا يربط بينها نسق علمي ولا عملي اقتصادي¡ ومن ثم لا يظهر تأثيرها واضحًا خارج "سمعة الجامعة"¡ أما الفائدة الحقيقية فهي محدودة جدًا¡ ومن ثم فنحن أمام مشكلة جديدة تتركز في أسباب عدم وجود أنساق البحث العلمي والعملي البعيدة المدى ذات التأثير في مستقبل الوطن واقتصاده¡ وتتعامل مع مشكلاته الأساسية. لدي ملاحظة عابرة هي أن أغلب براءات الاختراعات تشبه المكاسب السريعة Quick Wins التي لا تهدف إلى بناء بيئة معرفية أو اقتصادية بقدر ما تحقق مكاسب للجامعة والأفراد سرعان ما ينساها الجميع وسيارة غزال 1 ليست منا ببعيد.
دون شك نحن سعداء بدخول بعض الجامعات السعودية قائمة أهم مئة جامعة في براءات الاختراع¡ ونتطلع أن يصبح هذا الاهتمام العلمي نسقًا معرفيًا واقتصاديًا يثمر عن نتائج ملموسة تسهم في تنوع مصادر الدخل وتحمي مستقبل أجيالنا القادمة¡ وهذا لن يحدث بالتركيز على "السمعة" و"الإعلام" فقط¡ بل يجب أن تكون لدينا استراتيجية عمل واضحة¡ وربما آن الأوان أن تكون لدينا هيئة وطنية مرتبطة بوزارة الاقتصاد ووزارة الصناعة مسؤولة عن تحويل براءات الاختراع إلى منتجات¡ حتى يحين ذلك اليوم سيكون لنا حديث آخر.




http://www.alriyadh.com/1824804]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]