المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاحتفال بالعام الجديد احتفال بالمجهول



المراسل الإخباري
01-03-2021, 08:26
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
هذا فيما يبدو مما يسمى التقليد الأعمى¡ لأن المسلم المحتفل بالعام الميلادي لا يمكنه أن يجد مبرراً عقلانياً مقنعاً لنفسه ولا لغيره¡ وإنما هو انسياق التبعية الانهزامية النفسية¡ وفي هذا العصر أصبح التقليد الأعمى ظاهرة مشهودة لا تنكر¡ شكلاً وموضوعاً..
احتفل كثير من العالم قبل عام بسنة ألفين وعشرين الميلادية¡ كانوا في تلك الليلة يبتهجون وللتهاني يتبادلون¡ ثم ما لبثوا أن ضجوا¡ واتهموا العام والأيام بالسوء والنكد¡ إذ رأوا في عامهم ما رأوه من وباء عمّ وطمّ¡ وغير مجرى الحياة في الكرة الأرضية بأسرها¡ تعطلت المطارات والقطارات¡ والسيارات¡ والأسواق والمولات¡ وانتشرت القفازات والكمامات¡ وحجر الناس في بيوتهم¡ وأغلقت دور عباداتهم¡ وفرق بين صفوفهم¡ وفرقت جموعهم¡ وألغيت احتفالاتهم¡ واختصرت أعراسهم¡ وضاقت بهم الحال¡ وغاب عنهم خاتمة المآل¡ ناهيك عن أنفس أزهقت¡ وقيادات أصيبت¡ وخوف ورعب واحترازات¡ وحدث ولا حرج عن لقاحات وعلاجات.
والمشكلة أن من عاش احتفال العام الماضي يكرره باحتفاله البارحة بالعام الجديد¡ فلم يعتبر¡ ولم يتفكر¡ ولم ينتبه بأن الاحتفال بالعام احتفال بالمجهول¡ احتفال بما قد يكون نكبة ليس على الفرد بل على المجتمع¡ بل على العالم كما كان العام الماضي الذي انقضت أيامه بالأمس.
المحتفلون بالعام الماضي فيهم من قبضت روحُه¡ وفيهم من فقد تجارته¡ وفيهم من فقد أعز أحبابه¡ وفيهم وفيهم¡ فبم يحتفلون¿ وبم يفرحون¿
إن الاحتفاء بيومٍ ما لا بد أن يكون له مزية عن غيره¡ مزية تجعل المرء يعتز بذلك اليوم أو بذلك العام¡ فالمحتفلون بعيد الفطر يحتفلون بماض قد عاشوه من فرحهم بالصيام والفطر كل يوم وليلة¡ ثم ما كابدوه من عنت الصيام وتعب القيام ومكابدة النفس على ترك الشهوات¡ وهم موعودون على هذا بمغفرة من ربهم¡ وعتق لرقابهم¡ كما ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وآله وسلم¡ فإذا أتموا العقد¡ وأدوا المهمة انتظروا العطاء¡ وترقبوا للجائزة¡ وقد وعدوا بها ممن قال عن نفسه "وعد الله¡ لا يخلف الله الميعاد".
والحال نفسها تعود إليهم بعد وقوف الحجيج في عرفة¡ فيعتق الله في ذلك اليوم عدداً لا يحصيه إلا هو من النار¡ فيضحي الناس شكراً لله¡ ويحتفلون بالأضحى رجاء موعود الله.
فيوما الفطر والأضحى إنما هما احتفال بمغفرة وعتق ورضا وترقب "جنة عرضها السموات والأرض¡ أعدت للمتقين". والمتقون هم من صاموا رمضان إيماناً واحتساباً¡ وقاموا رمضان إيماناً واحتساباً¡ وقاموا ليلة القدر إيماناً واحتساباً¡ ووقفوا في عرفة أو شاركوا الواقفين هناك بمشاعرهم ودعائهم¡ "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض".
لا أناقش مسألة الاحتفال بالعام الجديد من جهة الدين¡ بل أناقشها من جهة العقل والمنطق¡ كيف يحتفل شخص بعام وهو لا يعلم إن كان هذا العام هو العام الذي تنتهي فيه حياته¡ أو تصيبه فيه قارعة¡ أو تحل بداره مصيبة¿
هذا فيما يبدو مما يسمى التقليد الأعمى¡ لأن المسلم المحتفل بالعام الميلادي لا يمكنه أن يجد مبرراً عقلانياً مقنعاً لنفسه ولا لغيره¡ وإنما هو انسياق التبعية الانهزامية النفسية¡ وفي هذا العصر أصبح التقليد الأعمى ظاهرة مشهودة لا تنكر¡ شكلاً وموضوعاً¡ وإن كنا نفرق بين ما يفعله الناس في بعض البلدان العربية والإسلامية من عادة وتتابع لا علاقة له بالشعائر الدينية وبين بعض الشعوب التي تفعله شعيرةً وتدينًا¡ فتلك الشعوب التي اعتادت أن يكون التاريخ "الميلادي" مصاحبًا لكل مناسباتها ولكل تواريخها وأحداثها¡ ولا تجسد في أذهانها الصورة التي تجسدت في أذهان شعوب أخرى من العقائد¡ فلا شك في اختلاف تنزيل مناط الحكم الفقهي هنا إذا ما أردنا الحديث عنه من هذه الزاوية¡ وعلى كلٍّº فالاحتفال بالمجهول يستغربه العقل والمنطق.
http://www.qatarat.com/media/thumb/9f/1d/561_ae3cf4745e.jpg




http://www.alriyadh.com/1862025]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]