المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إشكالية العلاقة ما بين الثقافة التقليدية والثقافة الانتقائية



المراسل الإخباري
01-27-2021, 13:24
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
لعل ما لم يظهر بمثل هذا الوضوح قيام نوع آخر من الاستقلال¡ فالتمييز بين الشرق والغرب والمسيطر على تفكير د. طه حسين كان قد اضمحل والذي كان وسيلة للتبعية بلا تحفظ..
في كتابه (العرب والفكر التاريخي) يتناول المفكر د. عبدالله العروي في الفصل السابع علاقة المثقف بالماضي واللغة والثقافة¡ وإن كانت كتابات د. العروي تكتسي نهجًا ورؤية فلسفية للتاريخ والتي تلقى رواجًا واسعًا في كتاباته إلا أنه يتكئ في أفكاره على الحداثة الغربية.
وفي هذا الفصل من كتابه يصنف المثقفين إلى فريقين:
فريق يفكر بطريقة تقليدية.

وفريق يفكر بطريقة انتقائية¡ وكلا الفريقين لا يتمثلان التاريخ في أفكارهما.

معتبرًا أن التاريخ هو المكون للواقع الحقيقي وأن اللا تاريخي يمثل العجز عن إدراك الواقع على حقيقته ويفضي إلى التبعية في كل مستوياتها.. لأن الفكر الانتقائي يعمق استمرار التأخر بكل أشكاله ومع ذلك فإن غالبية المثقفين يميلون إلى الانتقائية إلا أن الانتقائية تخدع المثقف وتغريه بنوع من الحرية الذاتية وتضعه دومًا في طور التلمذة الثقافية.
ولذلك فالمثقف الانتقائي غالبًا ما يفكر في نطاق النص الذي يستعيره أو يقتبسه ليضيفه إلى حصيلته الثقافية.. عند ذلك يهيمن الفكر الانتقائي على المثقف وفي هذه الحالة تكون الثقافة هي المحرك للمثقف رغم أنه هو الذي اخترعها وأبدعها.
وهنا ينقلنا د. العروي إلى مسألة الاستقلال الثقافي والتي كانت محور أفكار ثلاثينات القرن الماضي.
فعندما نقرأ د. طه حسين مثلًا أو عندما يتناول د. ألبرت حوراني في كتابه (الفكر العربي في عصر النهضة 1798 - 1939م) مفهوم د. طه حسين للاستقلال الثقافي والتي نقلها من مفكرين فرنسيين كأكونت ورينان ودور كايم وأنتول فرانس وبرغم أن د. طه حسين أديباً أكثر منه مفكرًا إلا أنه ينظر إلى أوروبا كمستودع للأفكار الصحيحة وبالذات تلك الأفكار التي منشؤها أنتول فرانس وأندريه جيده والذي ترجم طه حسين كتابه (تيزة) و(أديب) إلى العربية.
لذلك فإن د. طه حسين يرى أنه لا يمكن للإنسان أن يكون عصريًا أو متمدنًا كاملًا ما لم ينتمِ إلى ثقافة عصرية ومدنية أوروبا ولا يمكن أن يكون ديموقراطيًا إلا أن يكون أوروبيًا وهذا - في نظره - المعنى الحقيقي للاستقلال الثقافي¡ ورغم أن هذا الكلام يعود إلى ثلاثينات القرن الماضي في زمن كان فيه التمييز بين الشرق والغرب مألوفًا لدى الكتاب الشرقيين والغربيين على السواء إلا أن ذلك كان نهجًا من التفكير الانتقائي ولا يعد نظامًا فكريًا بل أفكار منفردة مما يمكن تفسيرها في نطاق اختلال فهم معنى الاستقلال الثقافي والانتماء إلى الثقافة الأوروبية.
فالطابع المادي والتقني للحضارة الغربية غير نظرتنا لعصرنا وربما للعصور القادمة¡ فالمسافة ما بين حاضرنا العربي والحاضر الغربي متباعدة وقد يكون السبب أننا نخلط ما بين التنمية والنهضة¡ فالأولى موضوع اقتصادي والثانية قضية فكرية.
يقول د. حوراني: لم يمضِ طويلًا على كلمات د. طه حسين هذه حتى نشبت الحرب العالمية الثانية وحدثت تغييرات كبيرة تجلى بعضها بصورة أوضح من بعضها الآخر وكان أبرز التغييرات الناجمة عن الحرب التبدل في موقف الدول الأوروبية بعضها من بعض ومن بقية العالم لقد فقدت الدول الأوروبية سيطرتها المعنوية ومعها تلك القوة الاستهوائية التي كانت تتمتع بها منذ زمن طويل بفضل قوتها وفضائلها السامية الكامنة أو المعتقد أنها كامنة وراء تلك القوة¡ فمنظر أوروبا تتمزق وفرنسا تنهار فجأة قد أثار الشكوك حول تلك القوة وتلك الفضائل فمن يدري قد تكون أوروبا لا تملك بالحقيقة سر السعادة الدائمة وفي الواقع كانت تلك الشكوك في محلها إلى حد ما فوضع أوروبا قد تغير بالفعل.
ولعل ما لم يظهر بمثل هذا الوضوح قيام نوع آخر من الاستقلال¡ فالتمييز بين الشرق والغرب والمسيطر على تفكير د. طه حسين كان قد اضمحل والذي كان وسيلة للتبعية بلا تحفظ.
وقد يتبادر السؤال: ما علاقة كل هذا بالثقافة الانتقائية¿
فواضح علاقة الثقافة الانتقائية بالاستقلال الثقافي¡ فالاستقلال الثقافي هو المنطلق لتحرير الثقافة من الانتقائية.
http://www.qatarat.com/media/thumb/8e/3a/561_d038a1def2.jpg




http://www.alriyadh.com/1866344]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]