المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : استغاثات خَفية



المراسل الإخباري
03-14-2021, 20:06
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png أعطانا المدرس في المرحلة الابتدائية واجبا دراسيا، ثم طلب من كل منا أن يقرأ إجابته، والسؤال أعتقد أن تضع كلمة «أحب» أو كلمة «أكره» في جملة، فأتت عبارات مثل «أحب التفاح» و»أنا أكره حر الشمس اليوم» وما إلى ذلك، حتى أتى دور زميلي فوقف وقرأ جملته: «أنا أكره المدرسة»، وقد نطق بما كان في نفسي تماما ونفوس أكثر الطلاب، وضحكت على العبارة المفاجئة البريئة الصريحة، واندهش المدرس وقال وهو يكتم ابتسامته: “لا لا لا، اشطبها، لا يصح هذا!».
ردة فعل المدرس لطيفة، وإن كنت أتمنى أنه سأل الطالب: لماذا؟ لماذا تكره المدرسة أيها الصغير ابن السنين العشر؟
لعل هناك سببا أعمق من مجرد التبرم من الدراسة والاستيقاظ الصباحي، لعله جو المدرسة: المباني الدميمة الكئيبة، الصرامة المبالغ فيها والتي شملت الضرب والصراخ، التلقين بدلا من التعليم، تنمّر الطلاب وتحرشّهم، إلخ. أحد الطلاب الممتازين كان يذهب لمدير المدرسة ويقول: «بطني يؤلمني ويجب أن أخرج». فعل هذا عدة مرات، حتى كشفته زلة لسان ولما ذهب للمدير صاح به وأمره أن يخرج، ولم يكلف نفسه أن يسأل: لماذا؟
لماذا هذا الطالب الحريص صار فجأة يتذرع بأنه يريد الخروج؟ بسبب تنمّر رهيب جعل الدنيا تسودّ في وجهه ولم يعرف الصغير كيف يتعامل مع ظروفٍ قاسية كهذه إلا بهذه الطريقة، وصرخ المدير الجاهل على الطفل وربما شعر بالفخر لأنه اكتشف «الكذبة». أنا طفل مثله فليس في يدي شيء أفعله إلا الدعم المعنوي الذي استطعت عليه.
تلك هي العبارات شبه الخفية التي تخرج من الفم كاستغاثات صامتة، تبدو ككلمات شاذة أو غريبة أو طريفة، لكن وراءها قصص مظلمة، لو كان حظ صاحبتها أو صاحبها حسنا لوَجَدَت الكلمة عقلا لماحا، يمسكها ليسبر غور نفسها المتألمة.




http://www.alriyadh.com/1874793]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]