المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صناعة قصّتنا ودحر خُبراء الكذب



المراسل الإخباري
03-26-2021, 20:58
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
قصتنا كسعوديين فعلاً لم تُكتب؛ بل إنها تعرّضت للتشويه والافتئات والبخس والاجتزاء وغيرها من ظلم فاضح واضح لدواعٍ وأسباب كثيرة، ليس أقلها الأطماع التي تلوح في عقول وخيالات أصحابها، مروراً بحالات الضغينة والحسد التي رُزئت بها بلادنا منذ تأسيسها وتوطيد مداميك أركانها في ملحمة تاريخية خالدة تذكرها الأجيال جيلاً عن جيل..
لطالما عانينا في عالمنا العربي والإسلامي عموماً من الاستعداء البغيض من الآخر الغربي؛ وتلك النظرة المشمئزّة والمشوّهة لكل ما هو عربي، نظرة مصحوبة بالتضئيل والتبخيس والازدراء، وقد تكشّفت تلكم العداوة والتربّص والأطماع في مواقفهم وكتابات مفكريهم وفلاسفتهم، وهي عدوى تتناقل عبر الزمن؛ بل إنها تزداد تغوّلاً وشراسة ووضوحاً؛ حتى أفكار فلاسفتهم وكُتّابهم المحسوبين على التنوير وتعزيز ثقافة التسامح والحوار، كالفيلسوف فولتير رائد التنوير - أو هكذا يفترض - نجد التعصّب في كتاباته جليّاً خصوصاً في كتاب "محمد والتعصّب"، حين يردد بكثرة عبارة الاستبداد الشرقي في موقف يعكس ازدواجية المثقف الغربي وعداءه تجاه الآخر المسلم، وقد فطن الكثير من المنصفين من الكتاب الغربيين لهذا العداء والموقف المزدوج؛ ورأينا كيف أن مفكّراً وأكاديمياً فرنسياً بارزاً هو باسكال بونيفاس فضح في كتابه "المثقفون المزيفون"؛ كيف صنع الإعلام خبراء في الكذب، واستحواذ فئة من الصحافيين والمعلقين والمثقفين مِنْ عديمي الضمير على الفضاء الإعلامي والثقافي الفرنسي، وقلبهم الحقائق بهدف توجيه الرأي العام نحو قناعات أيديولوجية أُحادية البُعد؟ وقد حاول باسكال بونيفاس في كتابه التأكيد على أن الإعلامي الغربي حاول تكريس صورة مشوهة للعرب والمسلمين، وتغذية قدر كبير من الخوف غير العقلاني من خطر الإسلام المزعوم، هذا الاستعداء البغيض لم يكن مقصوراً للأسف على الآخر الغربي؛ بل إنه ينسحب حتى على من هو على مقربة منا في الجوار، إن كان الفارسي بأطماعه وتوهماته التي لا تنتهي، أو العثماني الحالم الذي يريد استعادة ما يعتبره أمجاداً غابرة لم يعد لها وجود إلا في خيالاته المريضة.
كل هذا العداء بحمولاته الأيديولوجية وتبعاته المختلفة يفترض منا مواقف مواكبة وعلى قدر هذا التحدي والمعركة الوجودية التي نخوضها بكل شرف وإباء؛ وهو شرف وواجب لا مندوحة أبداً عن الوفاء به والموت دونه دون تنازل أو تراخٍ، ولكن هل شعوبنا على قدر التحدي؟ ولنضيّق التساؤل ونحصره في حالتنا كسعوديين؛ هل نحن جاهزون كأصحاب قلم وفكر ورجالات إعلام وصحافة للنهوض بدورنا تجاه هذا المدّ العدائي السافر؟
أعتقد أننا نتفق على أن قصوراً واضحاً نشترك جميعاً في تكريسه؛ ما يستدعي أن تكون المعالجات على قدر من الاحترافية والرصانة، وقبلها التسلّح بالفكر العميق القوي القادر على قراءة الأحداث والمواقف، ووضع الحلول والدراسات الناجعة التي تموقع بلادنا في مكانها اللائق والخليق بتاريخها وإرثها وعبقرية مكانها وإنسانها.
ما استدعى هذه الانثيالات والأفكار هو الحلقة الرائعة للبرنامج الرصين #الموقف- الذي يعده ويقدمه الكاتب والصحفي المميز طارق الحميد، وكان ضيفه الكاتب والمثقف الموسوعي مشاري الذايدي؛ وقد كانت حلقة استثنائية وعميقة؛ لا لعمق ورصانة الضيف والمضيف فحسب، بل لأهمية وشمولية وعمق المحاور وبذور الأفكار القابلة لأن تكون نواة لورشة عمل وطنية مهمة؛ فقد عرّجت على ضرورة التنظير بمعنى استمطار الأفكار وتخصيبها واستثمارها في كتابة وصوغ قصتنا كسعوديين؛ وما خامرها وداخلها من كفاح وملاحم وبطولات، قصتنا كسعوديين فعلاً لم تُكتب؛ بل إنها تعرّضت للتشويه والافتئات والبخس والاجتزاء وغيرها من ظلم فاضح واضح لدواعٍ وأسباب كثيرة، ليس أقلها الأطماع التي تلوح في عقول وخيالات أصحابها، مروراً بحالات الضغينة والحسد التي رُزئت بها بلادنا منذ تأسيسها وتوطيد مداميك أركانها في ملحمة تاريخية خالدة تذكرها الأجيال جيلاً عن جيل.
لقد أفاض الضيف الذايدي بلمحة فطنة ورؤى عميقة مستبصرة، ساعده على اجتراحها براعة وثقافة محاوره القادم للإعلام بحمولة صحافية مبهرة. ومن الجميل أن عرج الزميل الذايدي على قيمة الصحافة الورقية وتأكيده الواعي الذكي على أن الصحافة هي الأساس وهي الباقية لا "تويتر" أو "فيس بوك" أو غيرهما؛ فالصحافة صناعة ومهارة وثقافة ودربة مهما اختلفت الأقنية والأوعية.




http://www.alriyadh.com/1877108]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]