تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تذكير



المراسل الإخباري
04-10-2021, 07:47
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png تعود هذه الحادثة إلى صيف 2006؛ قدِم كاتب شاب من الرياض إلى بيروت لزيارة مكتباتها، والتّعرُّف على بعض كتابها، وإعلامييها. جاء بقلب عاشق لهذه العاصمة الساحرة التي يلتقي فيها نجوم الثقافة العربية بكل أنواعهم. وقد صادف أن صديقة لتوقيع إصدارها الأول، فدعوته بدوري للحضور كفرصة للقاء بعض.
أذكر أن التوقيع نظِّم في حديقة بيت أو مقهى بشارع الحمرا الشهير، وكان المكان بديعاً بشكل فاق التخيّل، تزينه الشموع الموزّعة عليه، فيما كان هناك من يعزف ألحاناً هادئةً تليق بالمناسبة.
كان صديقي السعودي -رحمه الله- منبهراً بتلك الأجواء البسيطة الجميلة، وكانت فرحته كبيرة وهو يسلّم على أسماء تعوّد أن يقرأ لها في الصحف، وأخرى تشبّع بإبداعها الأدبي، إلى أن صادفنا قبل خروجنا "كاتباً من الكبار" فتحمّس للتعرف عليه، وأخبره عن إعجابه بأدبه، وأنه أرسل له مجموعته القصصية على عنوانه بالجامعة التي يدرّس فيها، ولكنها عادت إليه، وطلب منه عنوانه ليعيد إرسالها إليه. "الكاتب الكبير" الذي لم يستطع أن ينزل من عليائه نظر إلى صديقي ببرود عجيب وقال له: "لا لا لا ترسلها لي، أذكر أن إشعاراً وصلني ولكني لم أذهب لسحب الطرد".
في لحظة ما شعرت أن صديقي سيغمى عليه، ولأنّه قمّة في التهذيب، اعتذر عن إزعاج كاتبنا، وانسحب من المكان كلّه متأسفاً على تلك الأخلاق التي يتّصف بها الرّجل، لاعناً هالة العظمة التي كانت تغلّفه في غير انسجام مع ما يكتب.
تعود إلى ذهني هذه الحادثة كلما التقيت أحد هؤلاء "الكبار" متسائلة كيف يتسلل الغرور إلى قلب شخص شارك الآخرون في صنعه؟
تقف أسئلتي عند حاجز منيع، فنحن عادة نتفهم غرور فئة كبيرة من مشاهير الغناء وعرض الأزياء والتلفزيون والسينما، ولكننا لا نفهم غرور الكاتب؟ الذي لا يسلك طريقاً مغايرة نحو الآخرين فقط، بل يذهب إلى جمهور مختلف تماماً عن باقي الجماهير حتى وإن كانت هاوية لكل الفنون بدون استثناء.
يعبّد الكاتب طريقه الصعبة تلك بشخصيات مقنعة تشبهنا تماماً، ويحرص على منحها كل الصفات التي يحبها القارئ، حتى أنّه ينسى نفسه فيعيش حالة بوح حميمة بينه وبين قارئه، يفعل ذلك بإخلاص كبير للغة منتقياً الكلمات التي تبني جسراً بينهما، فكيف يتبخّر كل ذلك الصدق في لحظة اللقاء؟
هل تعرفون كيف تكون بعض نهايات الكتاب الكبار؟ ربما في مرات مقبلة سأروي لكم بعضها، لكن لنعد لحكاية صديقنا مع "كاتبنا المغرور" فقد جاءني مؤخراً اتصال منه، طالباً مني أن أُحضر إصداره الجديد و"أتكرّم" بالكتابة عنه في جريدة الرياض، فما كان مني سوى أن ذكرته بتلك الحادثة البعيدة، مضيفة "هل تعرف لولا ذلك الصديق السعودي الرائع، لما أصبحت واحدة من أقلام جريدة الرياض"!




http://www.alriyadh.com/1879700]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]