المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السياسة بين المشاعر والتفكير



المراسل الإخباري
04-28-2021, 11:40
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
الأزمات الإنسانية التي تشكل خطراً على الجميع مثل جائحة كورونا يفترض أنها تحقق التضامن بصرف النظر عن التوجهات السياسية، لكن هذا التضامن لم يتحقق بالشكل المطلوب الذي يتفق مع مستوى الأزمة وخطورتها..
السياسة لا تدور حول ما يشعر به الناس، وإنما فيما يفكرون فيه. تلك مقولة منسوبة للسيدة الحديدية تاتشر. الأستاذ عبدالمنعم سعيد في مقال بعنوان طريف (عن التطبيع والذي منه) يفسر مقولة تاتشر بالقول: إن في الشعور يوجد الحب والكراهية والقبول والرفض، وفي التفكير توجد المصلحة والأهداف المراد تحقيقها.
تفسير ما سبق أن السياسة لا مكان فيها للعواطف. السياسة علاقة مصالح وليست علاقة حب. هكذا تتغير التحالفات بحثاً عن المصالح المشتركة. حين يعتقد البعض بتأثير عاطفته القومية أن بلاده تستطيع أن تعيش بمعزل عن الآخرين، ستكشف له العلاقات الدولية المتغيرة أنه على خطأ.
عالم اليوم وإن تضامن في القضايا الإنسانية والصحية يعيش حالة من التنافس السياسي والاقتصادي والعلمي والثقافي. يجتمع العالم تحت قبة مجلس الأمن وفي حقائب بعضهم ورقة الفيتو! ليست ورقة حب أو تضامن بل ورقة مصالح. هكذا يكون من حق كل دولة أن تبحث عن أمنها ومصالحها وسيادتها، وأن تتكيف مع المتغيرات.
الأزمات الإنسانية التي تشكل خطراً على الجميع مثل جائحة كورونا يفترض أنها تحقق التضامن بصرف النظر عن التوجهات السياسية، لكن هذا التضامن لم يتحقق بالشكل المطلوب الذي يتفق مع مستوى الأزمة وخطورتها. حتى مع وجود المصالح المشتركة في بعدها الإنساني تتدخل عوامل سياسية أو أيديولوجية لتحدث ثغرة في فكر التضامن وتتسبب في إحداث شرخ بين الأمم التي يقال عنها متحدة.
تلك الجوانب الإنسانية تفرض أهمية العاطفة في العلاقات الدولية مهما كانت الحالة السياسية.
نعود إلى مقولة السيدة تاتشر، وتحديداً موضوع التفكير فنجد أن بعض الدول فقدت خاصية التفكير وسلمت نفسها وتخلت عن سيادتها ومصالحها لميليشيات تمثل دولاً أخرى. هذه الدول تعمل لخدمة دول أخرى، هي دول بلا سياسة ولا سيادة، وضائعة بين المشاعر والتفكير، تعيش في منطقة رمادية، بلا أمن ولا حرية ولا ديموقراطية ولا إدارة تنظم حياة الناس. إذا كانت السياسة علاقة مصالح فإن بعض الدول تعاني من واقع (دولة داخل دولة) وبالتالي فليس للدولة التي فقدت سيادتها أية مصالح، الحالة هنا هي مصلحة لطرف واحد هو الطرف الذي تمثله الميليشيات المسيطرة على البلد. واقع هذه الدول الفاقدة للسيادة والأمن هو الانقسام الداخلي والمصالح الأنانية الحزبية والاستسلام للعاطفة واعتزال التفكير وعدم القدرة على الانتماء لمصلحة الدولة ورفض حكم الميليشيات.
التفكير في عالم السياسة هو الإدارة والأمن والاقتصاد والتلاحم الوطني والسيادة والقانون والحياة الكريمة. هذه الأساسيات لكل دولة لا تكتمل إلا بعاطفة حب الجميع للوطن الأم.
العلاقات بين الدول أمر طبيعي تحتمه المصالح المشتركة، لكن بعض الدول عاجزة عن التطبيع حتى مع نفسها.




http://www.alriyadh.com/1882820]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]