المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التجمل بالكتب



المراسل الإخباري
04-30-2021, 12:13
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png اعتدنا على وصف المدمن على القراءة بأنه دودة كتب! لماذا دودة وليس غيرها؟ هذا سؤال لا جواب عليه، إلا عند من يقرؤون ويدمنون القراءة، في كافة حقول المعرفة، وهم كثر وبكافة الدرجات أو التخصصات أو المستويات العلمية، وعندي في هذا المجال العديد من القصص، أبدؤها برجل كنت أراه، كلما دخلت لمكتبة «عارف حكمت» في المدينة، كان ذلك الرجل يأتي باكراً بصحبته شنطة سوداء كبيرة منفوخة بما فيها، من أغراض لا يعرفها أحد، فقد كان يدخل بالشنطة ويخرج، بعد أن يملأ عينيه بقراءة كتب، أغلبها مخطوط، مع الصحف التي تحضرها المكتبة لروادها يومياً، وقبل ذلك يملأ فمه مثلي، بفيض من القهوة والشاي والسحلب، وكل ما يقدم من طعوم بين وقت وآخر.
عرفت لاحقاً أن ذلك الرجل المجد، كان يحمل إجازة جامعية، ورغم ذلك الجد لم أسمع أن ذلك الرجل أخرج كتاباً! ومثله رجل من علية القوم، كنت أراه بين وقت وآخر، في مكتبة بباب السلام، وهو يحمل كميات من المجلدات، يقلب ثم يشتري، ويعطي ما يشتري لمرافقه.
كبرت ولم أقرأ إلا صدفة مقالة بائسة لذلك الرجل في مجلة، هل كان ذلك الرجل يقرأ أم يتجمل بالكتب؟ وغير هؤلاء هناك من يخصص في بيته مجلساً طويلاً عريضاً لعرض مقتنياته من الكتب والدوريات، ولو تقصيت عما قرأ من تلك الكتب لوجدت أنه لم يقرأ إلا النزر اليسير، مما تحتويه مكتبته. وهناك من يرتاد المدن والقرى في كافة الدول التي يعرف أنها تحتوي مخطوطات أو كتباً قديمة، ليدفع المبالغ الطائلة من أجل الاستحواذ عليها، وهو يعرف أصناف الكتب ويعرف منها الأصيل والمزور والغالي والرخيص؛ فهذه العينة من الهواة لا فرق عنده بين الكتب العلمية والأدبية، الفرق في التواريخ وفي الأصيل والدخيل منها، وهذا أيضاً قد تجده لا يقرأ في كتاب من الكتب التي يجري وراءها!
لكن أكثر حالات التجمل بالكتب طرافة، وجود فئة من أهل النعمة، اعتادوا الاستعانة بمن يؤلف لهم المؤلفات أو يجمع لهم المعلومات، إذا عزم الواحد منهم على إخراج كتاب في فن من فنون العلم والمعرفة. قد تكون لدى بعض هؤلاء شهادات وهوى معرفي؛ لكنهم قليلو الصبر والجلد للانكباب على تأليف كتاب بجهودهم الذاتية؛ وقد علمت وعايشت فئات من هذه العينة، ألفوا الكتب وحققوا المخطوطات الكثيرة، التي لا يمكن أن يقوم بها فرد يعيش ضمن ظروف كالتي يعيشون فيها؛ وهذه الفئة من الناس لا تبخل بالمال والمساندة؛ لمن يختارونهم لمساندتهم في إنجاز ما يرغبون من الكتب!
ورغم كل ذلك؛ يظل التجمل بالكتب والمعرفة والبحث عنها محموداً إذا قورن بمن يتجملون بالرحلات الفاخرة والسيارات والمنازل والموائد، وهي ظاهرة موجودة في كافة المجتمعات الإنسانية، لكن الألم منها يتعاظم عندما يتجمل هؤلاء بهكذا أمور، يكفيهم أقل القليل منها ليعيشوا حياة هانئة، وليوجهوا الفائض من المال والطعام لمحتاجيه.




http://www.alriyadh.com/1883248]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]