تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : بناء وطن تشيده الكلمات



المراسل الإخباري
05-22-2021, 04:55
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png تقرر أمينة مكتبة اسمها ميسون خالد أن تنفّذ وصية جدّها بعد انفجار بيروت في الرابع من أوت 2020، بافتتاح مكتبة عامّة في هذه المدينة تكون توءماً للمكتبة التي صادرها الاحتلال في القدس.
يأخذ المهندس المعماري المقدسي براء الحسيني على عاتقه إنجاز المهمة بالتعاون مع العم سليم الذي تولى مهمة نقل المؤلفات والمخطوطات الثمينة من القدس إلى بيروت خوفا من إتلافها أو مصادرتها، فيتعرضون جميعا لمحاولات عرقلة وتخريب من عامر الفلسطيني الذي جنّده الموساد تصل حدّ الاغتيال بالسمّ. تصف لنا الرواية القدس بحاراتها وأبوابها يوم كانت هناك حياة وثقافة وحضارة وأنبياء، قبل أن يُحيل الكيان الإسرائيلي الذّاكرة إلى أملاك مهجورة تحت مسمى "AP"، أي أملاك الغائبين القابلة للتهويد والذوبان، كما تقدم شهادة عبر حكايات الأجداد عن التغيرات الديموغرافية والتحولات العمرانية التي تسعى لطمس هوية القدس وتهويدها.
يحيلنا العنوان "الحجر الأحمر" إلى لون الحجارة المستعمل في بناء البيوت المقدسية، يبدأ كل فصل من الرواية بمقطع لشعراء فلسطينيين (محمود درويش، سميح القاسم، إبراهيم طوقان، أبو سلمى) ما عدا مقطع واحد لرسول حمزاتوف، وفي الرواية معلومات قيّمة عن الأحجار وفئات الدّم وتنظيم المكتبات والروائح والأرقام مع وصف تفصيلي للبيت المقدسي، ولتطريز الثياب الفلسطينية كأنه عمل تسجيلي لذاكرة يخشى عليها من التلف، رواية مكتوبة بنفَس صرنا نفتقده خصوصا في زمننا هذا، ويمكننا اعتبارها "رواية مقدسية" بامتياز.
نذكر أن رولا عبدالله كاتبة وإعلامية ومترجمة من مواليد 1975، صدر لها "رقصة المرمر" 2016، و"حكاية لا تسأل عن خاتمة" 2018. وقد تميزت في كتاباتها بتقفّي الحكاية من خلال الآثار واستنطاق الحجر وإخراج مخزونه الخفيّ من تاريخ اجتماعي وثقافي منسي وإعادة بنائه.
أمّا قصّة "الحجر الأحمر" فقد كانت نتاج فترة الحجْر الصِّحي الطويلة التي قضتها الكاتبة في خلوة مع أبحاثها وقراءاتها أثمرت عن حقائق كثيرة وكمٍّ من المعلومات التي نجهلها عن البيت والمجتمع المقدسيين، رغم طغيان القدس على المشهد السياسي العربي كقضية مركزية لم يتغيّر وقعها على مدى أربعة وسبعين عاما.
على مستوى الأدب حمل الشعر العربي جرح الشعب الفلسطيني، حتى إن شعراء بحجم محمود درويش وسميح القاسم وعز الدين المناصرة وآخرين قيل إن القضية الفلسطينية صنعت شهرتهم، وربّما انطبق الأمر على كُتّاب الرواية أيضا، لكن في كل الحالات نجد أن أدباء فلسطين اتخذوا من الأدب أداة نضال من أجل حماية الذاكرة الفلسطينية، الأمر يختلف بالنسبة لأدباء لا يربطهم بفلسطين سوى الخيط الوجداني والإنساني، مثل عبدالله (غير الفلسطينية) في روايتها هذه، والتي أضاءت على الدّور الأساسي للأدب لتسجيل الرحلة المؤلمة لشعب خاضع لعملية استعمارية لمحو هويته، إذ وحده الأدب القصة الوحيدة الممكنة لإعادة بناء تاريخ شعب مشتت الآن، وإعادة بناء وطن.




http://www.alriyadh.com/1886627]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]