المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قوة القيادة



المراسل الإخباري
06-19-2021, 04:36
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
القيادة علم وفن يجب أن تكون ضمن مناهج الدراسة، يمارسها الطالب في الفصل وفي كل الأنشطة الفنية والرياضية والكشفية، علينا أن نغير مفهوم أن القادة يولدون، لكنها تعلم وتدرب وممارسة ومحاكاة..
كان واحداً من أفضل أجنحة القوة الاستراتيجية الأميركية لطائرات بي _52، حصل على المركز الأول ثلاث مرات متتالية، وحين تغيرت القيادة وجاء قائد يهتم بأمور جانبية أكثر من اهتمامه بالمهمة الأساس للجناح تدنت النتائج وانخفضت الروح المعنوية وفقد أفراد الجناح البالغ عددهم 1500 طيار وفني روح الفريق. وذات مساء تناقل أفراد الجناح خبر تعيين قائد جديد معروف بشدته وصرامته وكفاءته، زار في الأسبوع الأول كل الأقسام والتقى بمنتسبيها، زار خط الطيران وغرف العمليات واستراحات الطيارين، اتخذ قرارات كثيرة بعضها صعبة وصارمة، نقل المقصرين إلى أماكن أقل أهمية وبعضهم إلى خارج الجناح ومنهم من ترك القوات الجوية، ألغى الإجازات إلا الضروري منها، وطلب مواصلة العمل حتى في إجازة نهاية الأسبوع أو حتى إنجاز المهمة، بعد ثلاثة أشهر بدأت تتضح نتائج العمل المركز والمتواصل، واستعاد الجناح مكانته كواحد من أفضل الأجنحة في القوات الجوية.
في الحرب العالمية الثانية كان من أهم أسباب صمود بريطانيا أمام هجمات الألمان وقبل التدخل الأميركي هو رئيس الوزراء تشرشل وخطبه الحماسية وقيادته الصارمة، التي جعلت بريطانيا تقف بكل شجاعة أمام هجوم الألمان الكاسح.
وفي جنوب شرق آسيا كان الجنرال جياب من أهم عوامل انتصار فيتنام على كل من فرنسا وأميركا، ومنها قيادته لمعركة "ديان بيان فو" التي أنهت الوجود الفرنسي في فيتنام، ثم واصل قيادته لقوات الفيتكونغ حتى أجبر أميركا على التفاوض والانسحاب.
تعرف القيادة بأنها فنّ التأثير على الآخرين لبذل أقصى ما في وسعهم لتنفيذ أي مهمة أو هدف أو مشروع.
القيادة هي ما يصنع الفرق بين النجاح والفشل، بين الربح والخسارة، ولهذا أرى أنه من الممكن أن نستنبط من المثل أعلاه دروسا كثيرة من أهمها:
أولاً: أهمية التغيير المستمر في مراكز القيادات الميدانية وغيرها، التغيير يعني تجديد دماء المؤسسة، وجلب خبرات جديدة لها، كثير من القادة يملؤهم الحماس في السنوات الثلاث الأولى ثم يبدأ الحماس بالتراجع، ولهذا تركز الدول المتقدمة على تغيير قادة وحداتها العسكرية كل ثلاث سنوات، فإن كان القائد مميزاً تم نقله إلى منصب أعلى أو مختلف ليكتسب المزيد من الخبرات لموقعه اللاحق، وإن كان غير ذلك فيعطى له منصب أقل أهمية أو يحال إلى التقاعد. وهذا ينطبق على رؤساء الشركات والجامعات والمدارس وغيرهم، القائد المميز يعطي مثالا يحتذى لمرؤوسيه في وحدته السابقة واللاحقة.
ثانياً: وضوح التأثير الكبير للقائد في إنجاز مهمة الوحدة الأساسية، ومن أهم ما يسهم في نجاحه هو نزاهته وعدله بين المرؤوسين، ورفعه للروح المعنوية وحرصه على بناء روح الفريق. وهذا لا يتم إلا إذا أصبح القائد مثالاً يحتذى أو كما يقال "تجاري خطواته كلماته"، فيتبع أقواله بأفعاله، القائد الناجح يستثمر الوقت المتاح لضمان نجاح المهمة، ويوجد أينما وجدت خطوط الإنتاج، سواء كانت (بضائع تنتجها الشركة، أو طلبة جامعة أو كلية سيلتحقون بسوق العمل) بقاء القائد في مكتبه يعني أنه سيقضي وقته بين المعاملات، وسيبقى الآخرون في مكاتبهم، عدم مشاركته في أنشطة المؤسسة تعني أن الرتب الصغيرة فقط هي التي ستشارك مجبرة على ذلك، يقول المثل أن الثقاب الرطب لا يشعل النار، وهكذا مع القائد المتقوقع في مكتبه أو المنطوي على نفسه، أو من يقضي معظم وقته في اجتماعات مطولة، والأسوأ أن يكون مشغولاً بأعماله الخاصة.
ثالثاً: حين ندرس الفرق الرياضية الناجحة نجد أنها تتمتع بصفات مهمة تجمع بينها، من أهم تلك الصفات تماسك أفراد الفريق ووضعهم مصلحة المجموعة فوق مصلحة الفرد، يساعدون أضعف الحلقات حتى تقوى، ويدعمون الحلقات القوية لتزداد قوة، وهذه مهمة أساسية للقائد، فمن الأخطاء الشائعة وجود مجموعة مقربة من القائد، أو وجود من ينقل له أخبار وأخطاء الآخرين، وهذه ممارسة تفقد الوحدة تماسكها وثقة أفرادها ببعض، من الواجب ألا يسمع القائد ما يخص شخص آخر إلا بوجود الشخص المعني، وهذا يضمن عدم الوشاية أو ظلم الغائب.
القيادة علم وفن يجب أن تكون ضمن مناهج الدراسة، يمارسها الطالب في الفصل وفي كل الأنشطة الفنية والرياضية والكشفية، علينا أن نغير مفهوم أن القادة يولدون، لكنها تعلم وتدرب وممارسة ومحاكاة.
الحاجة إلى قادة مميزين ضرورة لذا علينا أن نركز على تطوير القدرات القيادية وتدريبها من رياض الأطفال وحتى سنّ التقاعد.




http://www.alriyadh.com/1891676]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]