المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المال في مواجهة التاريخ



المراسل الإخباري
06-19-2021, 04:36
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png قبل حوالي ستة أعوام عشنا شهورا طويلة لا صوت فيها يعلو على صوت أخبار اليونان وإعلان إفلاسها.. على المستوى الاقتصادي والسياسي يبدو الأمر عاديّا ومجرّبا، وسبق لدول عظمى وكبرى أن مرّت بحالاتٍ مشابهة لما مرّت به اليونان في هذا التاريخ، بعد أن تجاوزت اليوم كبوتها الاقتصادية، لكنها في المقابل توارت وانزوت وبدت كأنها على هامش الحاضر بعد أن كان لها كل الماضي في التاريخ.
ما حدث لليونان في تلك الأعوام حدث بالفعل لدول كبيرة قبلها، مثل روسيا والبرازيل والأرجنتين بل إن أعظم دول العصر والعالم الجديد كما يطلق عليها "الولايات المتحدة الأمريكية" كانت قد أعلنت إفلاسها مرتين، الأولى فى عام 1933 عندما صدر أمر تنفيذي بمصادرة الذهب من المواطنين لصالح الدولة، والثانية كانت في عام 1971م، حينما أوقفت الولايات المتحدة تغطية الدولار بالذهب، وعلى الرغم من انجلاء تلك الأزمة الاقتصادية اليونانية إلا أننا لا يمكن أن نعبرها هكذا دون أن نستعيدها عظةً وعبرة فنحن نتحدث هنا عن اليونان.. عن بقعة حياتية كانت دائما مهد حضارة الإنسان.. عن تاريخ عظيم من الفلسفة والتنظير لحياتنا على الأرض.. عن شخصيات تاريخية قعّدت للوجود، وتنبّأت للعبور وتركت وراءها إرثا لا يفنى من التخطيط والحكمة ورؤية لا تزيدها الأيام إلا تحقّقا:
"علامة العقل المتعلم هو قدرته على تداول الفكرة دون أن يتقبلها" هكذا قال أرسطو اليوناني الذي عاش في الفترة ( 322-384) ق م. مرهق جدا ياشيخ الفلسفة الكبير أن نتداول فكرة "إفلاس" بلادك دون أن نتقبلها، نعلم أننا في عصر المال الذي لا يحتفل كثيرا بالتاريخ لكننا مأخوذون بتاريخ بلادك، نعود إليكم بين رأي وآخر بين حكمةٍ وعثرة، حينما سئلت ياشيخ الحكماء "من يصنع الطغاة؟ قلتَ: ضعف المظلومين!"، في حادثة كهذه لا طاغٍ إلا المال ولا مظلوم إلا التاريخ، فكيف يضعف تاريخ صنعتموه؟ وكيف يتقوّى عليكم عصر كنتم المخطّطين له؟ يقول معلمك وأستاذك أفلاطون المولود بين عامي (347-348) ق م، والمتوفى بين عامي (427-428) ق م: "قليلٌ من العلم مع العمل به، أنفع من كثيرٍ من العلم مع قلة العمل به".. فهل توقّف أحفادكم عن العمل بعلمكم، وهل أخفقتم في تعليمهم حينما لا يعير العصر اهتماما بهم؟
ويقول في رأي آخر: "لا تهتم بسرعة العمل بل جودته، لأن الناس لا يسألونك في كم فرغت منه، بل ينظرون إلى إتقانه وجودة صنعه"، ونحن في زمن السرعة في زمن البورصة التي لا تغفل عينها عن خطوات الثواني، لهذا كلما تعثرت ثانية تكبّبَ فيها العيش وتغشّاها شبح الإفلاس،
اليونان على مرمى غياب، ترمق زمن اليورو بعينٍ مرمّدة بالتاريخ وتترقّب أياما لا تشبه زمنكم، اكتفت من فلسفتك بالنصف الفارغ من الكلمة "فلس" حيث لا شيء يعلو على المال حتى هيبة التاريخ ووقاره.




http://www.alriyadh.com/1891675]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]