المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درر ولؤلؤ ومرجان



المراسل الإخباري
06-27-2021, 21:47
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
سيرته - صلى الله عليه وآله وسلم - بحر لجي مملوءة أعماقه درراً ولؤلؤاً ومرجاناً، لكنها تحتاج إلى أنفاس طويلة، ورؤية جيدة، وصبر على الضغط، وتحمل للمشقة، وتحتاج إلى أنس بها، إذ يقل الناس في الأعماق، وربما استوحش من غاص..
بين فترة وأخرى ينبغي أن ننظر في السيرة النبوية، فهي وقود المضي على الصراط، وهي زاد الصبر على المنهاج، وهي الحداء الذي يثير في النفس نشاطها، ويعلي همتها، ويجعل القلب يخفق شوقا للحاق بركب النبوة مع الأصحاب، والسيرة أعظم منشطات القلوب بعد الذي أنزل من الكتاب.
وسيرته - صلى الله عليه وآله وسلم - بحر لجي مملوءة أعماقه دررا ولؤلؤا ومرجانا، لكنها تحتاج إلى أنفاس طويلة، ورؤية جيدة، وصبر على الضغط، وتحمل للمشقة، وتحتاج إلى أنس بها إذ يقل الناس في الأعماق، وربما استوحش من غاص.
لننظر إلى سيرته - صلى الله عليه وآله وسلم - اليوم من زاوية أخرى غير سرد الأحداث، لننظر من خلال بعض النصوص إلى طريقته - صلى الله عليه وآله وسلم - في الحياة، لنتلقف منها درسا ينفعنا في حياتنا الدنيا، ويرفعنا في حياتنا الأخرى، عنوان حياته وسيرته جاء نصا في سورة ص، حيث يقول الله تعالى وهو يخاطبه ويوجهه ويهديه، صلى الله عليه وآله وسلم: "قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين".
لقد كانت هذه حقيقة ناصعة، بينة واضحة لكل من قرأ سيرته - صلى الله عليه وآله وسلم -، سيسطع له نورها بكل وضوح وشفافية. إنه عليه الصلاة والسلام لم يكن يتصنع، ولا يتكلف، ولا يتنطع، يحب الرفق، ويأنس باللين، ويختار اليسير ويحب التيسير، فقد كان يحمل دعوة نقية صافية، قريبة من الفطر السليمة، والحياة المستقيمة، فلم تكن دعوته شعارا يخالفه فعله، أو مجرد قول لا تطبيق له في واقعه، بل كان يعيش حياة الأتقياء، ويفعل فعل الأنقياء، على نهج من سبقه من الأنبياء كما قال شعيب عليه السلام لقومه: "وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت".
لقد كان عليه الصلاة السلام يرتب وقته، لا ترتيب المدققين المتكلفين الذين يعيشون روتينا قاتلا، وترتيبا مزعجا، فإن كانت حياته كلها مرتبة، فلم تكن أبدا رتيبة، مملة!.
لقد كانت حياته مع ترتيبها وحسن تنظيمها مرنة سهلة قريبة من المجتمع، تراعي الأحوال، وتعذر وتشارك، يسامر أهله، ويجالس أصحابه، ويشاركهم أفراحهم، وأحزانهم، وهمومهم، بكل جدية، وبكل أريحية، فجمع بين التنظيم والمشاركة. وهي التي يعجز حتى العالم أحيانا من أن يوازن بينها، فتراه صارما دقيقا في تنظيم وقته وحياته، لكنه لأجل هذا أهمل مجتمعه، وابتعد عن همومه، وعاش في برج عال لا يدري ما الناس، ولا ما حياة الناس.
وربما وجدت الرجل في بيته ذا هيبة ووقار، لكن أهله لا يستـــطيعون أن ينبســــوا عنده بـــبنت شـــــفة، ولا يستطيعون أن يأنســوا به، بل تكــــون راحتـــهم وانبساطهم في غيبته، ووجومهم في حضرته.
لقد كان - صلى الله عليه وآله وسلم - يعيش الحياة لأنها الحياة، لا يكتم مشاعره، ولا يتصنع الهيبة والوقار، ولا يتكلف في الرسميات والبروتوكولات كما يقولون، وكان أهيب الناس، لكنه لا يريد هذه الهيبة لشخصه ولم يسع إليها، إن الذي صنع هيبته في قلوب أصحابه لم يكن قسوة في تعاملة ولا غلظة في أخلاقه، بل كان هذا اللين منه، "فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك"، فدينه ليس فيه تكلف، وليس فيه تصنع، فينبغي أن يكون سجية للمسلم، فيكون سمحا إذا باع، سمحا إذا اشترى، يخالط القوم ويصبر على أذاهم، ويعيش مع الناس أفراحهم، ويشاركهم أحزانهم، يجيب دعوتهم، يوقر كبيرهم، ويرحم صغيرهم، ويحب لهم الخير وينصح لهم، لا يتصنع التقى والعفاف، ويتظاهر بالتقشف والزهد، ويلبس لباس الضأن على قلب الذئب، بل ظاهره موافق لباطنه، سمح المحيا بشوش الطلعة، نقي السريرة.. هذا، والله من وراء القصد.




http://www.alriyadh.com/1893022]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]