المراسل الإخباري
06-27-2021, 21:47
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
أن تجوب شوارع دولة، وتُنادي بصوتٍ عال بما سمعناه في مقاطع قاصدي أوكرانيا، ولستُ أحبّ تكدير الخواطر بإيراده، شيء تعافه نفس الكريم، وتكرهه روح الأبيّ، وما كراهيتي له، وبُغضك إياه إلا دليل على ما كان يشعر به شعب تلك الدولة، ويجده من جراء تلك التصرفات..
شاهدنا الرسائل المرئية لبعض شبابنا في أُوكرانيا، ورأينا ما قاموا به، وتحدثوا عنه، ولعلنا اختلفنا في النظر إليه، وفي الموقف منه، فلامهم فريق، واعتذرت لهم طائفة، وتلك سنة الناس في كل حدث يجري، وواقعة على البشر تطري، وليس الشأن في الخلاف وجوده وعدمه، قيامه وغيابه، وإنّما الشأن عندي في الحدث نفسه، قبول الناس له، وازدرائهم لفاعله، وهل لمن يملك قِياد الناس حق في درء ما يشين من أفعالهم، ويهيج على الآخرين من تعدّيهم؟ وهل القضية كلها راجعة إلى ما يمسّنا منهم، ويعود علينا من أخطائهم، فإنْ كانت جريرتهم تحور علينا، وتُشوّه صورتنا؛ حاسبناهم وعلى الحق أطرناهم، وإنْ لم تُصبنا بأذى، وتشملنا بسوء، خليناهم، واستدبرنا ما كان منهم، وإنْ جاروا على ذوق أمة من الأمم وطائفة من البشر؟ تلك هي أسئلة المقالة، وجهدي فيها أن أُبين بالدليل رأيي ومذهبي، وللناس في ما يختارون مذاهب.
لما كان السفر للبلدان الأخرى يُصاحبه الخوف، ويُحيط به الوجل، وهما أمران يدفعان المسافر أن تمضي حياته في سفره وفق القول المأثور "يا غريب، كن أديبًا" لم تتجه الدول وحكوماتها إلى سنّ أنظمة وتشريع قوانين تُجرّم مواطنيها في غير بلدهم، وتُحاسبهم على ما يقترفونه من آثام وإخلال بالآداب! إنّ المشرعين في ظني يرون الغربة حاجزاً منيعاً، وسوراً من القوانين زاجراً، يُقصي المرء عن الإخلال، ويُبعده عن السّفال، فما من داعٍ إلى توقّع الشر منه، وحصوله من ورائه، مع ما يصحب ذلك من بُعده المكاني عن عين الدولة، وغيابه عن أجهزتها، ووقوعه تحت نظر الدولة التي قصدها، وعزم على زيارتها، ولكن هذا التقدم الهائل في وسائل التواصل، الذي صيّر العالم كما يقال قرية صغيرة، ترى فيه الدولة ما يفعله مواطنوها ولو كانوا في أقاصي الأرض، ربّما يُغيّر نظرة الدول، ويدعوها إلى سنّ قوانين لهؤلاء المسافرين الذين لا يأبه`ون بعد خروجهم من بلدانهم أن يأتوا ما يُزعج الناس، ويركبوا ما فيه تعدٍّ عليهم.
أن تجوب شوارع دولة، وتُنادي بصوتٍ عال بما سمعناه في مقاطع قاصدي أوكرانيا، ولستُ أحبّ تكدير الخواطر بإيراده، شيء تعافه نفس الكريم، وتكرهه روح الأبيّ، وما كراهيتي له، وبُغضك إياه إلا دليل على ما كان يشعر به شعب تلك الدولة، ويجده من جراء تلك التصرفات، ومن حقه علينا أن نُعلن رفضنا، ونرفع به صوتنا، ونسعى في معالجتها جهدنا؛ لئلا يشعر أنّنا نقف على الحياد مع أخطاء أبنائنا، وأنّنا نسمع ما يأتونه، ويُنقل إلينا ما يقترفونه، ولا نكون معه في دفع صولتهم عنه، والحدّ من تجاوزهم في بلاده، فنضحي أمامه ممن يرضى لغيره ما لا يرضاه لنفسه، ونحن نروي عن نبينا الكريم قوله: "من أحبّ أن يُزحزح عن النار، ويدخل الجنة؛ فلتأتِه منيّته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأتِ إلى الناس الذي يُحبّ أن يُؤتى إليه"، وما دُمنا نتشوّف إلى نصرة الناس لنا ووقوفهم معنا حين يُساء إلينا، وتُبخس حقوقنا، فعلينا أن نُبادلهم ما نحبه منهم، ونُؤدي إليهم ما ننتظره من قِبلهم.
ويرى الحكيم أفلاطون في الكتاب الثالث من قوانينه أنّ "هدف المشرّع يجب أن يكون خلقَ كلّ ما يستطيع من الحكمة في الجماعة، وأن يبذل كلّ قوته في استئصال نقيضها" (القوانين، 182) والعالم اليوم أشبه بأمة واحدة، بل هو كذلك تقريباً، تتكامل الأمم كما تتكامل الأمة الواحدة، تسند كل أمة صويحباتها، كما تسند كل جماعة أختها داخل الدولة، وهذه العلاقة الوطيدة بين الدول، تدعوني إلى طرح ما يُمكنني تسميته بالضمير العالمي، وهي دعوة أخذتها من الحكيم نفسه، غير أنّه كان يتحدث عنها في سياق حديثه عن الدولة الواحدة، وأنا أقترح الفكرة في نظر الدول بعضها لبعض، فتصبح عندنا قوانين ضمير عالمي، تمنع الإنسان، ما كان مكانه، أن يُسيء إلى غيره ويتجاوز في المعاملة معه، وفي هذا يقول الحكيم: "الخضوع للقوانين الموجودة، أي: للضمير كما قلنا أكثر من مرة قبل الآن. إن ذلك الضمير كما قلنا هو الحاكم الذي يجب أن نخضع له إذا شئنا أن نكون على الدوام رجالاً ذوي قدْر"(القوانين، 198).
ثمّ إنني أستغرب أن يُقال عنهم: إنهم لا يُشوّهون إلا صورة أنفسهم! كأننا قادرون على التنبوء بما سيخرج به مَنْ يُشاهد مقاطعهم من العالمين! ألسنا ما زلنا إلى يومنا هذا ندفع عن ديننا أن يُعزى إليه الإرهاب بسبب ثلة من الإرهابين! إنّ مَن يُفكّر بالمنطق المتقدم مخطئ مرتين بل ثلاثاً: مخطئ أنْ أفترض أن هذه الطائفة لا تُشوّه إلا نفسها، ومخطئ أنّه أفتى في أمر لا يُفتى فيه بسهولة؛ لأنّ ردود العالمين لا يضبطها ضابط، ولا يحصرها عدّ! ومخطئ في الثالثة أنْ نَظَرَ بمثالية إلى فهم الناس لهذه الأحداث وهو يرى ما يُناقضها ويسمع ما ينفيها!
http://www.alriyadh.com/1893024]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]
أن تجوب شوارع دولة، وتُنادي بصوتٍ عال بما سمعناه في مقاطع قاصدي أوكرانيا، ولستُ أحبّ تكدير الخواطر بإيراده، شيء تعافه نفس الكريم، وتكرهه روح الأبيّ، وما كراهيتي له، وبُغضك إياه إلا دليل على ما كان يشعر به شعب تلك الدولة، ويجده من جراء تلك التصرفات..
شاهدنا الرسائل المرئية لبعض شبابنا في أُوكرانيا، ورأينا ما قاموا به، وتحدثوا عنه، ولعلنا اختلفنا في النظر إليه، وفي الموقف منه، فلامهم فريق، واعتذرت لهم طائفة، وتلك سنة الناس في كل حدث يجري، وواقعة على البشر تطري، وليس الشأن في الخلاف وجوده وعدمه، قيامه وغيابه، وإنّما الشأن عندي في الحدث نفسه، قبول الناس له، وازدرائهم لفاعله، وهل لمن يملك قِياد الناس حق في درء ما يشين من أفعالهم، ويهيج على الآخرين من تعدّيهم؟ وهل القضية كلها راجعة إلى ما يمسّنا منهم، ويعود علينا من أخطائهم، فإنْ كانت جريرتهم تحور علينا، وتُشوّه صورتنا؛ حاسبناهم وعلى الحق أطرناهم، وإنْ لم تُصبنا بأذى، وتشملنا بسوء، خليناهم، واستدبرنا ما كان منهم، وإنْ جاروا على ذوق أمة من الأمم وطائفة من البشر؟ تلك هي أسئلة المقالة، وجهدي فيها أن أُبين بالدليل رأيي ومذهبي، وللناس في ما يختارون مذاهب.
لما كان السفر للبلدان الأخرى يُصاحبه الخوف، ويُحيط به الوجل، وهما أمران يدفعان المسافر أن تمضي حياته في سفره وفق القول المأثور "يا غريب، كن أديبًا" لم تتجه الدول وحكوماتها إلى سنّ أنظمة وتشريع قوانين تُجرّم مواطنيها في غير بلدهم، وتُحاسبهم على ما يقترفونه من آثام وإخلال بالآداب! إنّ المشرعين في ظني يرون الغربة حاجزاً منيعاً، وسوراً من القوانين زاجراً، يُقصي المرء عن الإخلال، ويُبعده عن السّفال، فما من داعٍ إلى توقّع الشر منه، وحصوله من ورائه، مع ما يصحب ذلك من بُعده المكاني عن عين الدولة، وغيابه عن أجهزتها، ووقوعه تحت نظر الدولة التي قصدها، وعزم على زيارتها، ولكن هذا التقدم الهائل في وسائل التواصل، الذي صيّر العالم كما يقال قرية صغيرة، ترى فيه الدولة ما يفعله مواطنوها ولو كانوا في أقاصي الأرض، ربّما يُغيّر نظرة الدول، ويدعوها إلى سنّ قوانين لهؤلاء المسافرين الذين لا يأبه`ون بعد خروجهم من بلدانهم أن يأتوا ما يُزعج الناس، ويركبوا ما فيه تعدٍّ عليهم.
أن تجوب شوارع دولة، وتُنادي بصوتٍ عال بما سمعناه في مقاطع قاصدي أوكرانيا، ولستُ أحبّ تكدير الخواطر بإيراده، شيء تعافه نفس الكريم، وتكرهه روح الأبيّ، وما كراهيتي له، وبُغضك إياه إلا دليل على ما كان يشعر به شعب تلك الدولة، ويجده من جراء تلك التصرفات، ومن حقه علينا أن نُعلن رفضنا، ونرفع به صوتنا، ونسعى في معالجتها جهدنا؛ لئلا يشعر أنّنا نقف على الحياد مع أخطاء أبنائنا، وأنّنا نسمع ما يأتونه، ويُنقل إلينا ما يقترفونه، ولا نكون معه في دفع صولتهم عنه، والحدّ من تجاوزهم في بلاده، فنضحي أمامه ممن يرضى لغيره ما لا يرضاه لنفسه، ونحن نروي عن نبينا الكريم قوله: "من أحبّ أن يُزحزح عن النار، ويدخل الجنة؛ فلتأتِه منيّته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأتِ إلى الناس الذي يُحبّ أن يُؤتى إليه"، وما دُمنا نتشوّف إلى نصرة الناس لنا ووقوفهم معنا حين يُساء إلينا، وتُبخس حقوقنا، فعلينا أن نُبادلهم ما نحبه منهم، ونُؤدي إليهم ما ننتظره من قِبلهم.
ويرى الحكيم أفلاطون في الكتاب الثالث من قوانينه أنّ "هدف المشرّع يجب أن يكون خلقَ كلّ ما يستطيع من الحكمة في الجماعة، وأن يبذل كلّ قوته في استئصال نقيضها" (القوانين، 182) والعالم اليوم أشبه بأمة واحدة، بل هو كذلك تقريباً، تتكامل الأمم كما تتكامل الأمة الواحدة، تسند كل أمة صويحباتها، كما تسند كل جماعة أختها داخل الدولة، وهذه العلاقة الوطيدة بين الدول، تدعوني إلى طرح ما يُمكنني تسميته بالضمير العالمي، وهي دعوة أخذتها من الحكيم نفسه، غير أنّه كان يتحدث عنها في سياق حديثه عن الدولة الواحدة، وأنا أقترح الفكرة في نظر الدول بعضها لبعض، فتصبح عندنا قوانين ضمير عالمي، تمنع الإنسان، ما كان مكانه، أن يُسيء إلى غيره ويتجاوز في المعاملة معه، وفي هذا يقول الحكيم: "الخضوع للقوانين الموجودة، أي: للضمير كما قلنا أكثر من مرة قبل الآن. إن ذلك الضمير كما قلنا هو الحاكم الذي يجب أن نخضع له إذا شئنا أن نكون على الدوام رجالاً ذوي قدْر"(القوانين، 198).
ثمّ إنني أستغرب أن يُقال عنهم: إنهم لا يُشوّهون إلا صورة أنفسهم! كأننا قادرون على التنبوء بما سيخرج به مَنْ يُشاهد مقاطعهم من العالمين! ألسنا ما زلنا إلى يومنا هذا ندفع عن ديننا أن يُعزى إليه الإرهاب بسبب ثلة من الإرهابين! إنّ مَن يُفكّر بالمنطق المتقدم مخطئ مرتين بل ثلاثاً: مخطئ أنْ أفترض أن هذه الطائفة لا تُشوّه إلا نفسها، ومخطئ أنّه أفتى في أمر لا يُفتى فيه بسهولة؛ لأنّ ردود العالمين لا يضبطها ضابط، ولا يحصرها عدّ! ومخطئ في الثالثة أنْ نَظَرَ بمثالية إلى فهم الناس لهذه الأحداث وهو يرى ما يُناقضها ويسمع ما ينفيها!
http://www.alriyadh.com/1893024]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]