المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المحتوى وذائقة الجمهور



المراسل الإخباري
06-29-2021, 12:33
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png على مدى عقود مضت كانت عبارة «المحتوى الجيد يفرض نفسه» هي القاعدة التي على أساسها تبنى عروض المنتجين، وطلب المشاهدين. كان ذلك في الحقبة التي تصدرت فيها الأوعية التقليدية «التلفزيون، الراديو، والصحف» اهتمام الجمهور. إلا أن تعريف المحتوى الجيد لم تعد تحكمه الذائقة العامة، وطاله الارتباك الذي عصف بكل شيء نتيجة لثورة التواصل الاجتماعي. أصبح ما يراه الكثيرون تفاهة وخواء، محتوى مثيراً للاهتمام يتابعه الملايين، ولذلك تصدر أشخاص بسطاء فارغون قائمة المشاهير، لمجرد أن بعضهم تبدو أسنانه غريبة الشكل، أو طريقة نطقه للكلمات مختلفة أو غير ذلك. ما يقود ويحرك هذا الاهتمام هو التلصص لمعرفة المزيد عن شخصيات مختلفة عنا.
وبالمناسبة فإن صناعة الترفيه تقوم بشكل كبير على التلصص والهروب من العالم الذين نعيشه إلى عوالم الآخرين، ولذلك فإن ممثلي الأفلام ليس من المفترض أن يتحدثوا للكاميرا مباشرة، لأن ذلك يربك المشاهد ويقطع عليه اندماجه في استراق حياة الآخرين وبالتالي يُفقده متعة المشاهدة كطرف ثالث لا يعلم بوجوده الممثلين.
ثورة التواصل الاجتماعي التي فرضتها التكنولوجيا الحديثة قلبت الكثير من المفاهيم، وخلقت تهديداً وجودياً لأوعية كانت تتسيد الساحة؛ إذ تسببت في خفوت بريق الصحافة، وأربكت أباطرة الإنتاج التلفزيوني. لم يعد ما يحدث يشبه أي شيء قـعّد له خبراء الإعلام وتعلمه تلاميذ الاتصال في الجامعات، فما نعيشه هي حقبة جديدة تتشكل لا تحكمها قواعد محددة حتى الآن على الأقل.
إلا أن الشعور السائد أن المحتوى الذي تقدمه منصات التواصل يغلب عليه التفاهة والإغراق في السطحية، والتي، بكل غرابة، تجد جماهير ضخمة ساهمت في انتشار وشهرة مقدميها، بعض المشاهير الجدد بالمناسبة لا يعرفون لماذا يتابعهم الناس وهم موقنون بأنهم لا يملكون أي محتوى يستحق المتابعة. أعتقد أننا في مرحلة البدايات مع هذه الثورة الاتصالية، ومن الطبيعي أن نشاهد الكثير من الغث قبل أن نصل إلى مرحلة النضج، والتي بدأت تتمظهر في المحتوى الرائع الذي أصبح يعرضه بعض المشاهير، فمثلاً، يقدم الشيف السعودي عبد الرحمن القاسم عبر منصات التواصل محتوى يضاهي برامج الطبخ الاحترافية التي كانت تقدمها قنوات التلفزيون، والرحالة أحمد الصقري الذي عاش في فيتنام ويخوض الآن تجربة جديدة في تنزانيا يقدم بشكل بسيط مادة ثرية تشبه ما كنا نراه على قنوات الأفلام الوثائقية، هنالك الكثير ممن يقدمون مادة استثنائية ويبذلون جهداً كبيراً لتطويرها وتجد جهودهم شريحة كبيرة من المتابعين فيما يمثل انتصاراً للمحتوى الجيد.
ما سيحدد شكل المرحلة المقبلة في صناعة المحتوى هو ذائقة الجمهور واهتماماته، لكن يظل الخيار دائماً بيد المشاهد في هذا السوق البصري المفتوح والمتنوع.




http://www.alriyadh.com/1893373]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]