تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تحية الإسلام



المراسل الإخباري
07-01-2021, 11:15
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
من العيب التخلي عن موروث هذه الأمة والتنكُّر له، ونسبة ألفاظ وافدة بالأمس إلى ثقافتها، ومتى كان مجتمعنا العظيم بهذه الدرجة من الفقر في الألفاظ والعبارات، أليست لغتنا العربية أغنى اللغاتِ بالأساليب والألفاظ؟! أليس وطننا هو منطلق أعظم الحضارات وأكثرها تأثيراً؟! وما من بلد في العالم إلا وفيه طائفة تدين الله بإفشاء السلام بلغتنا العربية التي يتقرب الملايين إلى الله تعالى بتعلم النطق ببعض مفرداتها..
للموروث الديني والثقافي حرمته وخصوصيته عند الشعوب كافةً، وحقَّ له أن يكون كذلك، فهو من أركان الهوية التي ترمز لوجود الأمة، وقد كرَّمنا الله تعالى بأن جعل موروثنا الديني شريعة خاتم الأنبياء وسيد المرسلين، وتلكم الشريعة السمحة الحنيفية الصالحة لكل زمان ومكان، والتي أنزلت لتبقى وكتابها مهيمن على الكتب المنزلة، ولا شيء يهيمن عليه، وقد نزل هذا القرآن الكريم وللعرب عادات وتقاليد وألفاظ مخاطبة، فأقر ما أقرَّ من ذلك، واستأنف تشريع أشياء جعلها بدلاً مما عندهم، وتلقف أسلافنا ما شرعه فور تشريعه فتوارثوه، فكان ديناً ندين به، وموروثاً نعتزُّ به، ومن ألفاظه المشروعة تحيته الخالدة تحية أهل الجنة، ولي مع محاولة التقليل من شأنها بعض الوقفات:
الأولى: تحية الإسلام السلام غنية عمن يقرظها اليوم، ولو انبرى الناس لمدحها لم تزدد بذلك أهمية؛ إذ لا غاية فوق ما وصلت إليه، كيف لا وهي تحية من الله تعالى قال تعالى: (فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً) قال بعض المفسرين: "أي من جهته ومن لدنه يعني أن الله حياكم بها" ولو أمكن أن يوجد بدل للسلام يستغنى به عنه لم يجعل السلام تحية أهل الجنة، واللازم باطل فالملزوم مثله، ومن تأمل أبهة الموقف وفخامة الأجواء في قوله تعالى: (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ) أيقن أن لا تحية توازي أو تداني السلام، أضف إلى هذا ما يجلبه السلام من الخيرات من الوئام والتحابِّ في الدنيا، والتقرب إلى الله تعالى، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَمْرٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» أخرجه أبو داود وغيره، وأخرج أيضاً عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وَسَلمَ: «إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِاللهِ مَنْ بَدَأَهُمْ بِالسَّلاَمِ».
الثانية: التمسك بتحية الإسلام هو دأب المسلمين منذ فجر الإسلام وإلى اليوم، وأينما حلوا أفشوا تحيتهم وكانت شعارهم، ولم يتنازلوا عنها لأي سبب، وقد ذكر أهل السير أن قريشا لما بعثت عمرو بن العاص في رهط منهم إلى النجاشي ليحرضوه على من هاجر إلى الحبشة من الصحابة، فلما بلغوه ما أرادوا وخوفوه من أن يفسد عليه الصحابة قومه استأذن عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأذن لهم، فلما دخلوا عليه سلموا، فقال له الرهط من المشركين: ألا ترى أيها الملك أنا صدقناك، وأنهم لم يحيوك بتحيتك التي تحيى بها؟ فقال لهم: ما منعكم أن تحيوني بتحيتي؟ فقالوا: حييناك بتحية أهل الجنة وتحية الملائكة.
هكذا دأب الحق والباطل في كل عصر، فالمبطل يحاول إلصاق التهمة بالحق ما استطاع حتى إنه يحاول التشكيك في تحية الإسلام التي تعني المسالمة والدعاء بالسلام، ولا يأبه بما هو بدهيٌّ من أن كلمة السلام أطيب ما يمكن أن تواجه به من لاقيته، ومن سمعها منك أوشك أن يأمن شرَّك، أما المُحِقُّ فمتمسك بتحية الإسلام في أي ظرف كان، لا يهمه اختلاف البيئة؛ لأن مهمته نشر مضامين السلام بين الناس لفظاً ومعنى شكلاً ومضموناً، ويدرك أن من محاسن دينه أن تحيته رمز للمحبة والأمان.
الثالثة: من العيب التخلي عن موروث هذه الأمة والتنكُّر له، ونسبة ألفاظ وافدة بالأمس إلى ثقافتها، ومتى كان مجتمعنا العظيم بهذه الدرجة من الفقر في الألفاظ والعبارات، أليست لغتنا العربية أغنى اللغاتِ بالأساليب والألفاظ؟! أليس وطننا هو منطلق أعظم الحضارات وأكثرها تأثيراً؟! وما من بلد في العالم إلا وفيه طائفة تدين الله بإفشاء السلام بلغتنا العربية التي يتقرب الملايين إلى الله تعالى بتعلم النطق ببعض مفرداتها، أليس هذا مدعاة اعتزاز وشكر لله تعالى؟! ثم أليس من العجب أن ينبري الإنسان لنقد فكرة خاطئة، ثم يهدي إليها هدية لا تستحقها وينسب إليها فضل لا يد لها فيه مطلقاً، وذلك بزعم أنها ناشرة المبادئ ومعلمة السنن المطهرة، وهذه مجازفة كبيرة، وجهل عريض؛ لأن السنن والقيم الإسلامية حاضنتها جماعة المسلمين المتشبثة بالاجتماع، والمتحلية بالوسطية والاعتدال، وبفضل الله ثم بجهودها حفظت ودونت، وطبقت السنة منذ عصر الصحابة إلى يومنا هذا، أما علاقة الجماعات المتطرفة بالموروث الإسلامي فمجرد علاقة نفعية انتقائية تقوم على أخذهم ما يخدم مآربهم.




http://www.alriyadh.com/1893876]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]