المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كتبٌ بدل حذاء



المراسل الإخباري
07-03-2021, 05:08
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png مثل حذاء "فان غوخ" الشهير، ابتسم حذاء الطفلة "يوبا" معلناً نهاية صلاحيته، فقررت أمها أن تشتري لها حذاءً جديداً، استلمت مرتبها الشهري، فاصطحبت ابنتها إلى المدينة المجاورة حيث خيارات أكثر لإيجاد، حذاء جيد بسعر مقبول، الطفلة ذات العينين الضاحكتين، سُعِدت بواجهات المحلاّت المزينة بشتى الألبسة، لكنْ ما لفت نظرها أكثر واجهة مكتبة، أمسكت بيد والدتها ورفضت أن تتغادر، لحظتها قرّرت أن تشتري قصصا.
يا إلهي..! نظرت إليها أمّها مندهشة وشرحت لها بهدوء أن الحذاء أهمّ من القصص. الطفلة لم تقتنع، دلفت إلى المكتبة وشعرت أنها وجدت عالمها الحقيقي، وهي بين رفوف الكتب في القسم المخصص للأطفال تحوّلت إلى فراشة سعيدة، تفتح بعضها وتشمه، وتلثم بعضها بالقبل، وتعانقها بحرارة...
أقسم برب السموات والأرض أنّي لا أزيد كلمة عمّا حدث، حملت الطفلة عدداً من قصص الأطفال، وكتاب "كليلة ودمنة" ورفضت الخروج من المكتبة إلاّ والكتب معها.
في كثير من بلداننا العربية للأسف تجد بيّاع الكتب مثل بيّاع البطاطا والبصل، يرفض التنازل عن فلس واحد من بضاعته، ولا يهمّه إن بكى طفل أمامه رغبة في الشيء. وهذا ما حدث لطفلتنا، التي وقفت أمّها محتارة هل تسعدها بمجموعة الكتب أو تغضبها وتشتري لها حذاء؟
الطفلة أصرّت على مجموعة الكتب، متنازلة تماماً عن الحذاء. قالت لأمها سأتدبّر أمري، سأحافظ ما استطعت على حذائي القديم، لكني أريد أن أعود إلى البيت ومعي كتبي.
انتصرت الطفلة بتأثيرات عينيها الجميلتين على والدتها، فاقتنت لها ما تريد وعادتا إلى البيت.
القصّة لا تنتهي هنا، فطفلتنا التي عادت إلى البيت بكنزها الثمين، نامت وهي تحضن كتبها بعد أن قرأت بعضها، وحين فتحت عينيها في اليوم التالي بدأت تقرأ كتاباً جديداً، ثم قرّرت أن تصنع مكتبة صغيرة لكتبها، فخرجت إلى الدكاكين المجاورة لإحضار علب كرتون لتصميم مكتبتها الخاصة، وفعلاً أصبح لديها أول مكتبة الآن.
حين علمت بقصة هذه الطفلة، ناشدت عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن يتبرّع لها البعض بكتبهم القديمة، كما كتبت لبعض الكُتّاب ودور النّشر لإثراء مكتبتها، لكن يبدو أني متأثرة بالقصص التي تأتينا من الغرب، وكيف يتفاعل رواد التواصل الاجتماعي مع أفراد مميزين من نوع "يوبا" الصغيرة، إذ إن روّاد مواقعنا تجذبهم موضوعات أخرى أغلبها سياسية، والسبب واضح فالسياسة لا تحتاج لأي مجهود فكري، أو معرفي، أو مادي، فالكل يدلي فيها بدلوه، كون السياسة تحديداً في رقعتنا العربية تجذب متابعين من نوع خاص، وأول ما يميزهم عن غيرهم هو أنهم لا يقرأون.
لماذا أعاود الكتابة في هذا الموضوع إذن؟ حسناً لنقل أني لا أفقد الأمل بسهولة، ولدي ثقة في قرّاء جريدة الرياض تحديداً، للتفاعل بشكل إيجابي مع الطفلة التي فضّلت اقتناء كتب بدل حذاء جديد.




http://www.alriyadh.com/1894223]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]