المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عقوق الوطن



المراسل الإخباري
07-09-2021, 00:23
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
مما شجع بعض هؤلاء على عقوق الوطن العمالة لجهات أخرى، فيهتك بذلك حرمة الوطن، وتترامى به الآفاق مُغترباً يُوضِعُ في الفتنة، والمبتلى بداءِ العمالة لا ينفكُّ يحاول إخفاء عمالته؛ لمعرفته بشدة سماجتها، لكن لا تكاد تخفى على ذي بصيرة، خصوصاً أنهم كُتب لهم هتك أستارهم بأيديهم بواسطة ما يبثونه من سمومهم في وسائل التواصل الاجتماعي
يُفترض بالعاقل أن يكون شديد الحرص على وطنه، وأن يكون في تمام الأهبة لأن يضحي بمصالح دنياه في سبيل الذود عنه، وليس هذا -لو فعله- هدية يتبرع بها لوطنه، بل حقٌّ عليه مُتراكمٌ أدّى جزءًا منه، وله الشرف بتأديته له، فالمحتضَن الذي احتضنه وتربى فيه، ونشزت عظامه من خيراته حقيقٌ بأن لا يفرِّط في حفظه وحمايته، وأن يختار الانحياز إلى مصالحه لو خُيِّر بين الانحياز إليها وبين أن تُساق إليه الدنيا بحذافيرها، ولن ينحاز إلى مصالح وطنه ما دام يُغريه طمعٌ، أو يُصغي إلى وساوس أهل الفتن والتحريض، وتؤزَّ الخونةَ إلى عقوقِ الوطن دوافع ُكثيرةٌ كلها سيئة، أذكر أبرزها في الوقفات الآتية:
أولاً: اتباع الهوى، والله جل وعلا يقول: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ الله إِنَّ الله لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) فَلَمْ يُقدم على عقوق الوطن إلا من لو تفحصت أمره، وتتبعت نشاطه لعلمت أنه يستبطن هوى يتجارى به وراء جماعة معينة أو فكرة ساذجة أو دعاية مضللة، ومن أبرز علامات اتباع الهوى أن يدّعي المرء أنه يسعى لإصلاحٍ ديني، ثم لا يأتمر بما تأمر به محكمات النصوص الشرعية، ولا يأبه بما يفتي به كبار علماء سلف الأمة، فعلى أي دينٍ يحرص هؤلاء؟ ومن أي مصدر يأخذون؟ وهل جهلوا أن الواجب على كل فردٍ منهم أن يجلس إلى أهل العلم الثقات الذين ينتهجون منهج السلف، ولم تعصف بهم الأهواء إلى جماعات متطرفة، أو أحزاب ضالة، أو تنظيمات إرهابية، كالمفتي وغيره من العلماء الموثوقين، فيعرض عليهم ما معه من الشبه، ويعمل بما يوجهونه به؟ فهل يستحيي من أن يقول: عرضت لي شبهة في ديني تمسُّ أمن بلادي فذهبت إلى العلامة فلان فأزال الإشكال وبدد الشبهة، ونصحني بلزوم الجماعة فامتثلت أمره، وأصغيت إليه، وخالفت أوهامي؟ وطبّقت قول الله تبارك وتعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)، وقول نبيه صلى الله عليه وسلم: "فإنَّما شفاءُ العيِّ السُّؤالُ" ألا يعي أنه لو وُفِّق إلى هذا لكان شرفاً له، لكن أبى الشرف إلا أن يكون من أيدي الخونة مناط الثريَّا؟! وهذا من شرف الشرف وعلو منزلته، فهو أسمى من أن يتلطخ بتعلق أيدي الخونة بغرزه.
ثانياً: نكران الجميل، فالإنسان إذا ابتلي بالعمى عن صنائع أولي الأيدي البيضاء فلا تستغرب أن تجد قدمه تنزلق في أول مدحضة تلامسها؛ لأن حفظ الصنائع من الأخلاق الحميدة التي تكفُّ صاحبها عن القبائح، ثم إنه لا فرق بين الإحسان الواصل إليك من المحسن بصفته الشخصية، والإحسان الواصل إليك من المحسن بصفته الاعتبارية كالوطن، فأيادي الإحسان لا تستحق إلا التقدير، ولا أشك أن هؤلاء العاقين لا يستذكرون أفضال الدولة عليهم، ولو ذُكِّروا بها لقالوا: ما هي إلا حقوقٌ لنا ولا منة لأحد علينا بها، وهذا قصورٌ في التفكير؛ لأن من أوصل إليك حقك فقد استوجب الشكر، وقد قال الله تعالى: (ووَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) قرن أمره بشكر الوالدين بالتذكير بجميل أمه من حملٍ ورضاعةٍ، ومعلومٌ أن الرضاع حقٌّ له، فليس له أن يقول لأمه: إرضاعي في الحولين حقٌّ لي يلزمك أن تؤديه.
ثالثاً: العمالة، مما شجع بعض هؤلاء على عقوق الوطن العمالة لجهات أخرى، فيهتك بذلك حرمة الوطن، وتترامى به الآفاق مُغترباً يُوضِعُ في الفتنة، والمبتلى بداءِ العمالة لا ينفكُّ يحاول إخفاء عمالته؛ لمعرفته بشدة سماجتها، لكن لا تكاد تخفى على ذي بصيرة، خصوصاً أنهم كُتب لهم هتك أستارهم بأيديهم بواسطة ما يبثونه من سمومهم في وسائل التواصل الاجتماعي خصوصاً تويتر، وتظهر نوعية عمالتهم بموافقة ما يكتبونه لغرض الجهة المتحكمة بأقلامهم المأجورة، ولن تجد منهم من يقف مع وطنه مطلقاً، مع أنه لن تجد عنده انتقاداً لمن هو عميلٌ له، فهل ظن أن العقل يُجوِّز أن تكون سياسات البلد الفلاني كلها صائبة وفوق النقد، وسياسات وطننا كلها خاطئة لا تستحق التقدير؟ لا والله، فوطننا الغالي المملكة العربية السعودية في أيدي قيادة مباركة قطعت به مراحل متقدمة في طريق القوة والأهمية، وبفضل الله تعالى ثم بجهوده جنبته الفتن، وخيبت ظنون المتربصين وأجهضت مكر الماكرين، فلو كان أولئك العاقون مدركين لحقائق الأمور لأثنوا على ذلك، واحتفوا به وفرحوا، لكن المشكلة أن ظاهر حالهم أنهم لا تعنيهم المصلحة أصلاً حتى يفرحوا بها، لكن لا يُوجدُ توصيفٌ دقيقٌ لحالهم غير هذا.




http://www.alriyadh.com/1895192]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]