المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ضـالّة الـشُّـراح



المراسل الإخباري
07-12-2021, 00:25
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png من الصعوبات التي تواجه الباحثين وشُراح الشعر الشعبي القديم صعوبة التعامل مع الألفاظ العامية ذات الدلالات الغامضة، ولعل هذه الصعوبة هي أولى العقبات التي ساهمت في صرف الباحثين والدارسين عن دراسة الشعر الشعبي أو الاستشهاد بنماذج منه في دراساتهم، لا سيما أن فهم ألفاظ النص الشعري فهماً دقيقاً يساعد الباحث على الانتقال إلى مستويات أعلى في قراءة النص وتحليله، أمّا شُراح الشعر فتتنوع اتجاهاتهم في الشرح بين الإهمال التام للشرح بحجة الخوف من تضخم حجم الديوان أو المجموع الشعري، وبين الاكتفاء بشرح قليل من الألفاظ التي يطمئن الشارح إلى صحة فهمه لها أو صحة المرجع الذي يعتمد عليه.
وفي حالات معينة يلجأ الباحث أو الشارح لاقتراح دلالات مُحتملة للألفاظ التي لا يفهمها اعتماداً على السياق الذي يرد فيه اللفظ، ثم يُرجّح الدلالة التي يراها مناسبة، وهو اتجاه قد نراه جيداً لملء الفراغات والتعامل مع النص بصورة أفضل، ولكن الشيخ محمد بن ناصر العبودي يُعارضه وينتقد أصحابه بشدة، ووجّه في (معجم الأصول الفصيحة للألفاظ الدارجة) نقده لمن سماهم «المتمعلمين» الذين قد يؤدي اجتهادهم إلى التوصل لمعان بعيدة أو مخالفة للمعنى الحقيقي للكلمة، يقول العبودي: «رأيت بعض المتمعلمين من الشبان يفسرون كلمات نعرفها وعشناها بمعانٍ بعيدة عن معانيها الحقيقية عند بني قومنا، بل ربما تكون مناقضة لتلك المعاني في بعض الأحيان، لأنهم يثبتون ذلك عن طريق اجتهادهم الذي تمليه عليهم أذواقهم، أو عن طريق الاستفسار ممن هم أكبر منهم سناً، ولكنهم لم يفهموا السؤال فأساؤوا في الجواب، ثم نقل أولئك المتمعلمون جوابهم محرفاً، فزادوه سوءاً على سوء».
ويبدو من هذا النص أن العبودي لا ينتقد عملية الاجتهاد بقدر انتقاده لطريقتها حين يتحكم فيها الذوق أو الهوى، أو عندما لا يحرص فيها الباحث على توضيح سؤاله للعارف بمعاني الألفاظ للحصول على إجابة دقيقة للسؤال نفسه وليس لسؤال آخر.
في معجم ضخم ورائع مثل (معجم الأصول الفصيحة للألفاظ الدارجة) الذي يتألف من 13 مجلداً قد يجد الباحثون والشُّراح ضالتهم من الألفاظ العامية الغامضة التي ترد في الأشعار الشعبية القديمة، وهو معجم واحد من معاجم كثيرة خدم بها العبودي التراث الشعبي، فقبل عقدين من الزمن كان عمل الباحثين في ميدان تحقيق الشعر الشعبي القديم يتعثر بسبب صعوبة إدراك معاني كثير من الألفاظ، أمّا اليوم فأعتقد أن مهمتهم أضحت أسهل بسبب توفر مثل هذا المعجم الذي يضم توضيحاً لمعاني آلاف الكلمات التي انقرضت أو قلَّ استعمالها، وأجزم أن الاستعانة بمثل هذا المعجم أمر كفيل بإخراج دواوين الشعراء القدامى التي ظهرت سابقاً عاريةً من الشرح، أو بشرح قليل من ألفاظها، بصورة أفضل وأكمل تتيح للمتلقين فهمها وزيادة التفاعل مع محتواها.




http://www.alriyadh.com/1895660]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]