المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العُمانيّون



المراسل الإخباري
07-15-2021, 19:07
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png الخصائص المميزة لأي مجتمع تظهر جلياً في طبيعة الدور الحضاري الذي قام به تاريخياً، أو يؤهل للقيام به حاضراً ومستقبلاً، وهي خصائص تمايزه، لأنها تحمل تأثيرات بيئته وظروف تشكله التاريخي، وسمات بُنيته وتركيبته الاجتماعية؛ وفي عمان نجِد مجتمعاً ذا خصوصية تضافرت على تشكيلها عوامل الجغرافيا والتاريخ والعناصر الثقافية المؤسسة للمجتمع العماني.
المتتبع للتركيبة الاجتماعية في عمان سيلاحظ تنوعاً واسعاً في الأعراق، واللغات واللهجات، والمذاهب والقبائل، ونمط المعيشة المتنوع بين البيئات الجبلية والساحلية والصحراوية، وقد أضفى هذا التنوع على المجتمع العماني استعداداً دائماً لاستيعاب الاختلاف وصهره في وعاء وطني واحد، وبناء علاقات الشراكة وتبادل المصالح مع الآخر، كما أن الموقع الجغرافي المفتوح على المحيط الهندي، أعطى العمانيين مجالاً واسعاً للانفتاح على سواحل شرق وجنوب شرق آسيا، وشرق أفريقيا، مطلعين أو متفاعلين مع تجارب تلك الشعوب الحضارية، ومع هذا الانفتاح نمت المصالح الاقتصادية، واتسعت التبادلات التجارية، ونما معها الإسهام الحضاري وصناعة السلام وبناء الجسور الحضارية.
ومن ناحية أخرى بُنيت حركة المجتمع سياسياً واجتماعياً على المشاركة، وهو ما يرسخ اليوم قيمتها التي لها امتدادها وسيرورتها في عدد من أطر التفاعل السياسي العماني المعاصر، كما نلاحظ أن الأنظمة الاجتماعية في عمان -قديماً وحديثاً- حتى في شكلها القبلي قدمت نموذجاً مميزاً على تطور التفكير السياسي للمجتمع، بمعنى أن النظام الاجتماعي لم يقم على الرابطة الدموية فحسب، بل قام أيضاً على الموقف الأيديولوجي والتحالفات السياسية، وعلى ذلك فهو برهان تاريخي على اختلاف نظام القبيلة عن نظام العشيرة البدائي.
ومن المؤكد أن هناك عناصر واضحة في الثقافة العمانية تبرز بجلاء نتيجة لهذه المعطيات نجدها في التماسك الاجتماعي، وفي وحدة المجتمع، كما نجدها في الروح الوطنية العمانية، وهو ما يشير إليه بعض الباحثين بالعمق والثبات والأصالة، ويبرهنون على ذلك بتبلور مفاهيم كبرى في مرحلة مبكرة من تاريخ عمان منها مفهوم الوطن، ومفهوم السيادة، وغيرهما.
كذلك التراث المعرفي والإنتاج العلمي العماني يحمل تجليات هذه السمات المميزة للمجتمع العماني، فما أنتجه العلماء والفقهاء والأدباء العمانيون في تنوعه وانفتاحه وثرائه أسهم في تأسيس المجتمع وتحريك التاريخ العماني وترسيخ قيمه ونقل تجاربه إلى أجيال العمانيين المتلاحقة، كما أسهم في حركة العلوم والمعارف العربية والإسلامية، وهو بذلك قدم إسهامها للفكر الإنساني أيضاً.
ومن سمات المجتمع العماني هي القدرة على الانفتاح الواثق في عصر الانفتاح الثقافي والتقني دون خوف أو قلق على الهوية، لكن ذلك يستلزم أيضاً الوعي من أجيال العمانيين الراهنة والقادمة بالذات الوطنية وخصائصها المميزة ورحلة تشكلها في التاريخ العماني.
الرحالة جون أوفنجتن في زيارته لسلطنة عُمان عام 1693 يقول وهو يصف العمانيين: إن هؤلاء العرب على قدر كبير من دماثة الخلق يظهرون لطفًا وكرمًا كبيرين للغرباء فلا يحتقرونهم ولا يُلحقون بهم الأذى.




http://www.alriyadh.com/1896417]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]