المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تكريم الجناة



المراسل الإخباري
07-17-2021, 18:41
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png لا يمكن للجناة في كل جرائم العالم أن يفلتوا من العقاب، فهناك من يعاقبهم دائماً بطريقة ما، وإن أفلتوا فإن الله يتكفّل بهم من حيث لا يعلمون، لكن يبدو أن جناة الأدب يُكرَّمون بدل أن ينالوا العقاب الذي يستحقون، حتى أن شهرتهم تصبح مثل الغيمة السوداء التي تغطي من ينتقدهم ومن يتفوّق عليهم.
منذ سنوات صنّفت جرائم السرقة الأدبية تصنيفات مبهمة، حتى أنها وُصِفت بالتّناص الأدبي، وانتهى بها الأمر إلى أن تصبح نوعاً أدبياً في حدّ ذاته.
أثيرت هذه القضية مجدداً عبر سجال طويل عريض حول رواية "تذكرة الدخول" (2012) للكاتب الفرنسي جوزيف ماسي سكارون، الذي قام بسلخ فقرات بأكملها من إحدى روايات الكاتب الأميركي بيل برايسون.
لكن وكما أصبح شائعاً بدل أن يعطي الكاتب الكهل (63 عاماً) تبريرات منطقية لفعلته، أو اعتذاراً يحفظ ماء الوجه، لجأ إلى الحيلة التي تنتهجها الذئاب الباكية في هكذا مواقف، مدعياً أنه لا يقرأ، ويجهل تماماً الكاتب المقصود.
الصحافة الفرنسية التي سخرت من سكارون ذكرته بزميله في الانتحال ميشيل ويلبيك الذي بلغت به لامبالاته أن سرق من موقع ويكيبيديا الأشهر من نار على علم، وادعى أنه لا يعرف أن تلك سرقة ما دامت المعلومات متاحة للجميع.
سكارون غريب الأطوار، لم تؤثر فيه كل الانتقادات القاسية، بل إنه حتى حين أُقيل من منصبه كرئيس لهيئة تحرير ظل يحصل على مرتبه الشهري.
في إحدى الجرائد وصف سكارون بالرجل المعقد روحياً، والذي يحب اللجوء للكنائس، من دون الاستقرار على دين معين، فقد ادعى أنه يهودي، ثم أرثوذوكسي، ثم كاثوليكي، ثم ماسوني. غيّر اسمه إلى خوسيه ثم أضاف له لقب والده ماسي ثم بعدها بفترة أضاف لقب والدته سكارون.
ويلبيك الذي نال جوائز رغم التهم التي لاحقته، رجّح أن الكاتب لا خيارات له أمام مرجعيته الأدبية كقارئ، فهو يقضي وقتاً أكبر من ذلك الذي يقضيه في العالم الواقعي، ومن الطبيعي أن تتداخل أفكاره مع أفكار من قرأهم، على هذا النّحو يجب أن نبرّئ ويلبيك من التهم التي وُجّهت إليه ونكافئه لأنه قارئ نهم اختلطت عليه الأمور.
في الروايات التي يعتمد كتّابها السرقة غالباً ما نجد الرّاوي متورّطاً في تشويه الواقع وهو يكرّر عبارات من الخطب، أو المقولات، أو الأشعار أو غيرها، لإبهار قارئه "الجاهل في نظره" بتلك الأسماء الكبيرة التي قرأ لها، وحفظ مقولاتها.
يصبح هذا النّمط من الكتابة نموذجاً يحتذى به، بعد أن يزكّيه جمهور القرّاء بالإقبال الكبير عليه، والغريب أن الجمهور سواء في ديارنا أو في بلاد الإفرنجة جمهور متشابه، يحب المقولات الجاهزة، مع قائمة طويلة من أسماء الشعراء والأدباء ورجال التاريخ، من دون أن يهتم بالإبداع الحقيقي، وابتكار الجديد.
الخلاصة: كأنّنا نعيش عملية إفقار مقصودة للأدب.




http://www.alriyadh.com/1896765]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]