المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دروس إدارية من قصة دختنوس



المراسل الإخباري
07-30-2021, 22:03
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png يُروى في العصر الجاهلي أن امرأة اسمها "دختنوس" تزوجت ابن عمها عمرو بن عداس، والذي كان غنياً كريماً وذا شرف وجاه، إلا أنه كان طاعناً في السن، ورغم أنه كان يغدق بالمال والهدايا على زوجته إلا أنها لم تتحمل الحياة معه خاصة مع كبر سنه، ما دعاها إلى إزعاجه حتى قرر تطليقها وكان ذلك في الصيف، وتزوجت دختنوس بعدها زوجاً آخر كان شاباً وسيماً إلا أنه كان فقيراً، وفي إحدى السنوات أجدبت الأرض وجاع الناس، وإذا بنياق زوجها الأول عمرو بن عداس تسير في مضاربها، فأرسلت جاريتها لتطلبه أن يسقيها من لبن الإبل، فأجاب زوجها الأول عمرو قائلا: "في الصيف ضيعت اللبن!"، وكأنه يذكرها بالخير والنعم التي فرطت فيها، فلما سمعت دختنوس بعبارته أمالت رأسها على زوجها الجديد وقالت: "هذا ومذقه خير"، والمذق هو اللبن المخلوط بالماء..
في الواقع هنالك عدد من الدروس الإدارية من هذه القصة كما يلي:
الولاء والشغف مهمان: لا يفيد أن تتمسك بموظف لا يكن الولاء والانتماء للمنظمة مهما بلغت قدراته وإمكاناته، وحتى ولو تمكنت من إيقافه ومنعه من الاستقالة لفترة فسيعود مجدداً ليعاود محاولاته بالرحيل، والأجدى استقطاب كفاءات جديدة لديها شغف وولاء بدل استنزاف الوقت والجهد مع مثل هذه النوعية من الموظفين الذين لن يعملوا بإنتاجية وإبداع طالما لم يكن هنالك اقتناع بالرسالة وأهداف المنظمة.

المادة ليست كل شيء: يخطئ البعض بالاعتقاد أن الراتب العالي والمزايا المادية المغرية كفيلة بجعل الموظف يضحي بكل شيء آخر في سبيل البقاء، بينما الواقع أن هنالك عوامل أخرى مهمة، كالاستقرار النفسي والثقافة المؤسسة وبيئة العمل الداعمة والموازنة بين الحياة والعمل وغيرها من العوامل.

الاستقالة ليست دائماً خياراً صائباً: البعض لا يمتلك الصبر والتحمل ويقرر مباشرة المغادرة بعد أو تجربة صعبة في بيئة العمل، بينما يفترض بالإنسان أن يتحمل ويتعلم ويحاول أن يبذل جهده ليتكيف ويطور من قدراته ويسهم في التغيير الإيجابي، وينطبق ذلك على القرارات المتهورة بالاستقالة ليجد الشخص نفسه في نار البطالة والتي قد تكون في بعض الأحيان أشد قساوة من الصبر على تحديات العمل اليومية.

لا تصنع أعداءً: البعض عند مغادرة عمل ما إلى مكان جديد، ينسفون كل جسور الود ويحرقون المراكب ويصنعون علاقات مضطربة مع رؤسائهم وزملائهم السابقين، ولكن ينسى هؤلاء أن الأيام تدور ولا يدري الإنسان متى سيلتقي مرة أخرى بهم أو بأحدهم، وكما يقول المثل الكوري: "لا تتفل في ماء البئر، فربما تضطر للشرب منه يوماً ما"، والحكمة تقتضي أن يحرص الإنسان على علاقات صحية والمغادرة مع سيرة حسنة وذكرى طيبة مع الجميع ما أمكن ذلك.

احفظ للناس كرامتها: رغم أن العرب تناقلت المثل "في الصيف ضيعت اللبن"، وأصبح يطلق على من يضيع الفرص ولا يقدر النعمة، إلا أن التاريخ حفظ مقولة دختنوس بالمثل الآخر "هذا ومذقه خير"، والتي تعتبر إهانة غير سهلة لعمرو بن عداس، فمهما بلغت قوتك وثروتك وسلطتك فإياك أن تهين إنساناً أو تنهر من يسألك حاجة، فإن لم تستطع أن تلبي رغبته فاحرص على التعامل برقي واحترام يحفظ له كرامته دون إيذاء أو تجريح.





http://www.alriyadh.com/1898791]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]