المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فوضى المبدعين



المراسل الإخباري
07-30-2021, 22:03
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png مَن يعتقد أن المبدع أو الفنان يجب أن يكون فوضويا، لا يعتني بما يلبس أو يأكل أو يصادق أو يعمل، ولا يعتني بتخصيص وقت للقراءة والكتابة فهو واهم؛ هذه فئة قليلة كثير منها لم يعرف الذوق أو الإبداع الحقيقي إليهم سبيلا. الإبداع بصيغته المعروفة يحتاج إلى عمل كثير، قراءة وكتابة ومراجعة، ويكفي أن نعرف أن أدباء كبار يعمل أحدهم دون كلل، لإنتاج صفحة واحدة يوميا، ومنهم من يجلس إلى مكتبه يوميا في ساعة محددة، قد يقوم بعد انتهائها دون أن ينتج صفحة واحدة، ومن يراجع سير أدباء عالميين من العرب والأجانب سوف يدرك أن سجادة الشرف لم تبسط لهم عبثا! لقد صادفت عينات من أدباء، كنت أقرأ لهم وأتتبع أخبارهم وما يصدرون من المؤلفات، ما دفعني عند السفر إلى بلادهم، السعي إلى لقياهم للتزود من خبراتهم وثقافتهم، وفي سعي كهذا صدمت كثيرا من بعضهم، ما جعلني أقرر بيني وبين نفسي الاكتفاء بالقراءة لمن أحب حرفهم، دون الحرص على الالتقاء بهم أو التواصل معهم؛ فقد وجدت جل هذه العينة مبعوجة في نفسها ولسانها، ما جعلني أندم ليس على لقياهم فقط ولكن على حرصي في تتبع ما يكتبون ويقولون، وهذه العينة موجودة في كل مكان وهي ليست قصرا على لغة دون أخرى، ولا على بلد أو لون دون لون من الكتابة والتشخيص المسرحي والسينمائي، لكن ما يعزينا أن هذه العينة غالبا ما تتوارى طال الوقت أم قصر، كما تتوارى أضواء الفوانيس عند نضوب الزيت! ولم يخلد التاريخ من هذه العينة إلا قلة من الشعراء والسرديين. وفي ساحتنا الأدبية نرى ونسمع ونقرأ بين وقت وآخر، عن كتاب من هذه العينة كل بضاعتهم قصص أو قصائد قليلة، لو وضعت أمام ناقد بعيد عن هذه الساحة لما عنى نفسه بالنظر إليها؛ هذه العينة منها التي تعيش بيننا تكتب وتنشر وتقرأ في المجالس، وتلك التي عُزلت أو عزلت نفسها بعد أعوام قضتها في الساحة الثقافية، هذه العينة كانت حياتها موزعة بالعدل والقسطاس بين السهر والنوم والسفر إذا أقبل المال، وكل واحد منهم له مجموعة يسهرون ويتنقلون معا، ويقدمون ويقصون على هواهم، أما الكتابة فإن هذه الفئة تنظر إليها وكأنها وحي، فهي تنزل في وقتها وترحل في وقتها؛ أما الذين يجلسون إلى المكاتب استجلابا للأفكار أو القصائد أو القصص والروايات فهؤلاء يعتبرونهم من الصناع، والإبداع ليس صناعة، يتطلب مواظبة على القراءة والكتابة بطريقة مستمرة صارمة، هناك فرق بين صناعة قوالب الطوب، والحديد والبلاستيك! إن من أبرز أسباب تأخرنا عن الركب في مجال الإبداع عموما مقارنة بغيرنا، بعدنا عن المثابرة والحضور وأخذ الإبداع بالجد والاجتهاد، مع وجود جهات رسمية وخاصة، تبارك مثل هذه الجهود، بتقديم الشهادات والجوائز والمنح التي يعين مردودها مبدعينا الجادين على تكاليف الحياة.




http://www.alriyadh.com/1898794]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]