المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أمي «نورة»



المراسل الإخباري
08-01-2021, 05:44
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png الجميع يحب أمه، غير أن حبي لأمي "نورة" مختلف، فهي لم تكن أماً كباقي الأمهات التقليديات، بل موجهة حكيمة ومرشدة بصيرة صقلت شخصيتي وشكلت حياتي.
ولدت "نورة بنت سليمان السويلم" في مسقط رأسها "ثادق" (شمال غرب مدينة الرياض) عام 1960م، ثم انتقلت وهي طفلة صغيرة إلى العاصمة، وعاشت في حي "الشميسي" حتى تزوجت والدي سلطان -حفظه الله-، وكانت له نعم رفيق وخير سند.
رغم أن والدتي لم تُكمل دراستها الجامعية إلا أن ثقافتها العلمية والاجتماعية، وإطلاعها الأدبي يفوق حاملي الدرجات العلمية العليا، فهي من كانت تتابع معي وإخوتي المواد الدراسية يومياً وبشكل دقيق، واستطاعت تخريج الصيدلي والمهندس والطبيب والمحاسب والقانوني والاقتصادي والإعلامي والإداري، ناهيك عن حصول معظهم على شهادات الدراسات العليا في تخصصاتهم، دون الحاجة لمساعدة أحد ما، أو حتى مدرس "خصوصي" واحد، رغم أنها امرأة عاملة!
التزامها الوظيفي يثير الإعجاب، فقد بدأت حياتها العمليّة في "مصلحة معاشات التقاعد"، بعد أن تخرجت من معهد الإدارة العامة، ضمن أول دفعة برنامج إدخال بيانات الحاسب الآلي منتصف عام 1404هـ، وكانت من أوائل من عمل على أجهزة الحاسب الآلي الضخمة في المملكة، حينما كان حجم الجهاز غرفة كاملة! ثم انتقلت عام 1411هـ إلى إحدى مدارس "الرئاسة العامة لتعليم البنات"، حتى تقاعدت العام الماضي بعد خدمة بلغت 37 عاماً متواصلة، كانت مثالاً للالتزام والمبادرة، والأهم الحرص على إنجاز العمل حتى لو كان من غير مسؤولياتها، فكم قضت من الأيام وسهرت الليالي في المنزل لإتمام تلكم المهام على أتم وجه.
أما قصة برّها بوالدتها "مضاوي السعد السويلم" فذلك مما تُسطر فيه الكتب، تضحية بالوقت والجهد، امتدت لتشمل جديّ من والدي، فهي من قامت على رعايتهما في أرذل العمر لسنوات طويلة، وغرست قدوتها في أبنائها قيم البر والوفاء.
لا أستطيع تجاوز دور والدتي "أم عبدالرحمن" في تأسيس ذائقتي الأدبية، فجُلّ قراءتي المبكرة كانت من اقتراحاتها، وهي من دفعني لالتهام روائع الأدب العربي والعالمي، بل كانت هي من تستعير الروايات وأمهات الكتب من صديقاتها حتى أقرأها.
غير أن أهم فرص الاقتراب تكمن في السفر الطويل، ومنها رحلتنا العائلية الطويلة عام 2013م، لزيارة أخي محمد خلال دراسته الماجستير في أميركا، حيث قطعنا مئات الكليومترات سوياً في حافلة واحدة، من ولاية فلوريدا وحتى ولاية ميسوري! وواجهنا العديد من الأحداث وتشاركنا الذكريات، ثم الإقامة الطويلة في بوسطن عام 2018م، وكانت فرصة لا تقدر بثمن للنهل من معين الخبرة والتجارب، واكتشاف جوانب مضيئة أخرى لوالدتي.
بالتأكيد أمي "نورة" كانت ولا تزال مدرسة أفخر أني أحد طلابها، فكل يوم أزداد احتراماً وتقديراً لهذه القامة، وأحمد الله أنه اصطفاني وإخوتي أبناءً وبنات لها، حفظها الله وأطال في عمرها هي وأمهاتنا جميعاً.




http://www.alriyadh.com/1899032]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]