المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشفاشيف



المراسل الإخباري
08-01-2021, 05:44
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png كلمة «شفاشيف» من الكلمات العاميّة التي قابلت الدكتور سعد البازعي في دراسته الجميلة (قصيدة البرزخ) المنشورة في مجلة (حقول) عام 2007م، ووردت في قول الشاعر الكبير عبدالله بن سبيّل: «الله لا يسقي ليالٍ شفاشيف»، وهو مطلع شهير ترد فيه الكلمة معرّفةً في أغلب المصادر: «ليال الشفاشيف». وقد اعترف البازعي أنه لم يتوصّل للمعنى الدقيق لها، فقد قيل له إنها تعني: «سريعة»، وقيل إن معناها: «شديدة قاسية»، وذهب إلى أن المعنيين يناسبان الكلمة، لكنه مال للمعنى الأول وأثبته في دراسته. والسؤال الذي يمكننا طرحه هنا: هل المعنى الذي اختاره هو المعنى الصحيح للكلمة؟
كلمة «الشفاشيف» مثل كثير من الكلمات العامية التي ترد في النصوص الشعبية القديمة، ويجد الباحث صعوبة في فهم معناها على وجه الدقّة؛ إمّا لاندثارها أو لانحسار استعمالها. وقد وردت في قصائد قديمة أخرى منها، على سبيل المثال، قصيدة الشاعر والفارس تركي بن حميد التي يقول فيها عن الصديق:
نوبٍ تذرّى به ونوب يتذرى
سوي عمرك في ليال الشفاشيف
ومن الجيد أن الكلمة التي حيّرت البازعي نُشرت مشروحةً لاحقاً في أحد معاجم الشيخ محمد بن ناصر العبودي وهو (معجم الأصول الفصيحة للألفاظ الدارجة)، فقال في مادة (ش ف ش ف): «عيش شِفَاشِف أي قليل، لا يتسع لأفراد الأسرة والزاد شفاشف وهي بكسر الشينين: أي يقل عن الكفاية كثيراً. وما أحصي المرات التي سمعت بها الذين كانوا أصحاب أسفار في البادية يقولون: الما هالحين شفاشف. أي قليل في موارد الصحراء عن أن يكفيهم وماشيتهم». ولم يذكر الشيخ معنى غير هذا المعنى، وساق شاهدين أحدهما بيت ابن سبيل، والثاني لماجد بن عضيب يخاطب فيه الملك سعود قائلاً:
من يوم شفناك شفنا الخير بالحال
زِنَّا وزان الوطن عقب الشفاشيف
وفي الطبعة الثانية من (ديوان ابن سبيّل) عاد الإعلامي الأستاذ محمد بن سبيّل لشرح ما رأى أنه يحتاج للشرح من ألفاظ قصائد جدّه الشاعر، وجاء شرحه لكلمة «الشفاشيف» مقارباً من شرح البازعي، وذكر فيه أن معناها: «الحامية السريعة».
لا أهدف من كتابة هذه السطور للبحث عن دلالة هذه الكلمة أو إثبات صحة أو خطأ ما ذهب إليه البازعي، بل التنبيه إلى أمر مهم يتعلق بالصعوبة المضاعفة في شرح الألفاظ العامية القديمة، فالمتأمل لورود الكلمة المذكورة في سياقات متنوعة أخرى مثل: «اللي يبي شمّة هبوب الشفاشيف» عند عبدالله بن عون، و»هز الهوى لغصون نبت الشفاشيف» عند فلاح المبرد، وغيرها، يدرك حجم الصعوبة التي تواجه الباحث في التراث الشعبي الذي لا يتعامل فقط مع ألفاظ خرجت من استعمال الأجيال الجديدة، بل يتعامل مع ألفاظ تتسع دلالاتها ليدل كل لفظ منها على معان عديدة تختلف باختلاف السياق الذي ترد فيه.




http://www.alriyadh.com/1899027]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]